الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

يَحُول نظام العمل بينه وبين الإفطار بعد المغرب في رمضان ، فهل يجوز أن يفطر؟

السؤال


رجل يعمل بإيطاليا طول اليوم وهناك نظام العمل أنه ممنوع الأكل إلا في مواعيد الأكل المحددة لذلك , فلذلك لا يستطيع الصوم لأنه اذا صام لن يستطيع أن يفطر في ميعاد الإفطار , وإذا لم يفطر وواصل الصيام فيكون هذا مجهود شديد عليه جدا ولن يستطيع أن يعمل , فهل يجوز له الفطر وأن يخرج عن كل يوم كفارة ؟

الجواب

الحمد لله.

صوم رمضان ركن من أركان الإسلام الخمسة ، فعلى كل مسلم أن يحرص على تأديته كما أمره الله ، ولا يفرط فيه ، ولا يقدم عليه عملا من أعمال الدنيا ، فإن تعارض مع عمل الدنيا فأمكنه التوفيق بينهما وفق بينهما ، وعمل على تحقيق مصلحة الدنيا والآخرة ، وإن لم يقدر على التوفيق بينهما ، فلا يتهاون في ركن من أركان الدين ، ودعامة من دعائمه العظام ، بسبب ما عرض له من أمر الدينا ، ولكن يقدم أمر الصيام ، وينظر في أمر الدنيا الذي عارضه ، فإن أمكنه تقليله قلل منه ، وإن أمكن تغييره غيّره ، وإن كان أقل أجرا ، فالآخرة خير ثوابا وأعظم أجرا ، ومن حرص على أمر دينه واهتم له ، كفاه الله أمر دنياه ، كما قال عز وجل : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ) الطلاق/2، 3.

وروى الإمام أحمد (20215) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى وقال : ( إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل إلا أعطاك الله خيرا منه ) .

صححه الألباني في "الضعيفة" (1 / 62).

وروى ابن ماجة (257) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من جعل الهموم هما واحدا هم آخرته كفاه الله هم دنياه ، ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ) حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" (207) .

وروى الترمذي (2465) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ولا ينبغي ترك صيام رمضان لمثل هذا التحكم الباطل وغيره مما لا يعد في الشرع سببا مبيحا للإفطار ، فلا يجوز لك أن تفطر وتكفر بالإطعام ، لأنك قادر على الصيام ، وإنما الكفارة رخصة لغير القادر كالشيخ الكبير الفاني ، والمريض مرضا مزمنا لا يرجى شفاؤه ، قال تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/ 184.

أي: على الذين يتكلفونه، ويشق عليهم مشقة غير محتملة، كالشيخ الكبير، فدية عن كل يوم مسكين .

"تفسير السعدي" (ص 86).

كتب الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد والشيخ عبد العزيز بن باز رحمهما الله :

" الأصل وجوب صوم رمضان، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين، وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين، وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان، وأن يصبحوا صائمين، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره، ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام . هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (15/ 245-246).

فعلى هذا الرجل أن يتقدم لإدارة العمل بطلب استثنائه من هذه اللائحة الجائرة ، ليسمحوا له بالإفطار عند غروب الشمس ، أو يجعلوا عمله بالليل ، فإن وافقوا على ذلك ، وإلا بحث لنفسه عن عمل آخر ، لا يضيع عليه الصيام .

ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (65803).

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب