الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل يطيع والده ويخالف أنظمة المرور ؟

223172

تاريخ النشر : 28-01-2015

المشاهدات : 5855

السؤال


قانون السير عندنا يمنع السيارات أن تحمل أكثر من 5 أفراد ، فماذا لو كنت أنا السائق ورفض أبي أن نلتزم ب 5 أفراد ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
مراعاة قواعد المرور ، واحترام قوانينه أمر واجب شرعًا في كثير من قواعده ؛ لأن هذه القوانين تقوم على تحقيق المصالح ودفع المفاسد ، فالتزامها يحقق السلامة من الأضرار ، وهذا مقصد من مقاصد الشريعة المباركة ، كما أن مخالفتها يؤدي إلى الضرر ، سواء على المخالِف أو على غيره .
وقد أخرج ابن ماجه في سننه (2340) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى : ( أن لا ضرر ولا ضرار) . وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
فينبغي للمسلم أن يلتزم بهذه القواعد ولا يخالفها حتى لا يضر نفسه أو غيره ، وحتى لا يذل نفسه ويهينها بالمساءلة والوقوع تحت طائلة القوانين بالحبس تارة ، وبدفع الغرامات تارة أخرى .
جاء في " قرارات مجمع الفقه الإسلامي " : "مما تقتضيه المصلحة : سنُّ الأنظمة الزاجرة بأنواعها ، ومنها : التعزير المالي لمن يخالف تلك التعليمات المنظمة للمرور ؛ لردع من يُعرّض أمن الناس للخطر في الطرقات والأسواق ، من أصحاب المركبات ووسائل النقل الأخرى ، أخذاً بأحكام الحسبة المقررة " انتهى , وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم : (130222).

ثانياً :
قواعد المرور ليست على درجة واحدة من الأهمية ، فبعض هذه القواعد يتعرض المخالف لها لضرر كبير في نفسه أو لغيره ، وبعضها يكون أهون من ذلك بكثير ، فالسير عكس الاتجاه في الطرق السريعة مثلاً ، أو السير بسرعة كبيرة في مكان مزدحم بالناس والسيارات ، أو تجاوز الإشارة وهي حمراء في شارع مزدحم بالسيارات ... وغيرها من المخالفات التي تتسبب كثيرا بالحوادث : لا يجوز فعلها بحال ، ولو طلب الوالد من ولده أن يفعل فلا يطيعه ، لأن طاعة الوالد تكون فيما لا ضرر فيه على الولد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الاختيارات" (ص 114) : "ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية ، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ، ولا ضرر عليه " انتهى . وهذا الفعل فيه ضرر على الولد ، إذ قد يعرضه لإصابة نفسه أو غيره .
وقد شدد بعض العلماء في ذلك ، ونصوا على عدم طاعة الوالد إذا أمر بما يخالف العقل والحكمة .
جاء في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/129): " وَحَيْثُ نَشَأَ أَمْرُ الْوَالِدِ أَوْ نَهْيُهُ عَنْ مُجَرَّدِ الْحُمْقِ ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ" انتهى.
وهناك من مخالفات المرور ما هو يسير بحيث لا يُقطع بأن الفاعل لذلك عاصٍ ، غير أنه ينبغي الالتزام بهذه القواعد ، مثل : زيادة راكب على العدد المسموح به .
فمثل هذه المخالفات... لو أمر بها الوالد ولده مرةً لمصلحة من المصالح أو غرض من الأغراض , فينبغي أن يطيعه في ذلك - إذا غلب على ظنه السلامة من المساءلة والعقوبة .
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة فقال:
" إذا لم يركب أبوه معه : فيداريه ، ويَعِدُه خيراً ، ثم لا يلتزم بما يعود عليه بالضرر أو العقوبة من قبل شرطة المرور .
وأما إذا ركب أبوه معه وأصرَّ : فيسلم له الأمر " .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب