الحمد لله.
أولا :
لا حرج على المسلم في أن يسأل ربه أن يطيل عمره في طاعته ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ فقَالَ: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ)
رواه الترمذي (2329)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وانظر جواب السؤال رقم : (12372)
ثانيا :
نزول عيسى ابن مريم عليه السلام يكون آخر الزمان ، قال النووي رحمه الله : ” نُزُول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ السَّمَاءِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ” انتهى .
شرح النووي على مسلم (8/ 234)
وينظر جواب السؤال رقم : (43840)
ثالثا :
إدراكه عليه السلام ممكن لآحاد هذه الأمة ، غير متعذر ، روى الحاكم (8635) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1981)
وروى أحمد (7971) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ( إِنِّي لَأَرْجُو إِنْ طَالَتْ بِي حَيَاةٌ أَنْ أُدْرِكَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنْ عَجِلَ بِي مَوْتٌ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ فَلْيُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ ) .
وصححه محققو المسند .
ولكن هذا الإمكان شيء ، وطلب شهود عيسى وسؤاله شيء آخر ، فإن نزوله عليه السلام يكون آخر الزمان كما تقدم ، والفتن آخر الزمان كثيرة متلاحقة ، فمن سأل الله رؤيته ، فقد سأل الله أن يبقيه حتى يدرك زمن الفتن ، وخاصة أنه عليه السلام ينزل زمن الدجال ، الذي هو أعظم الفتن وأكبرها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَاللهِ مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَعْظَمُ مِنَ الدَّجَّالِ ) رواه مسلم (2946) وأحمد (16255) واللفظ له .
والمسلم ينوء بنفسه عن الفتن ، ومحالِّها ، ويسأل الله العافية منها ، فكيف بأعظم الفتن وأشدها على الناس ؟
روى أبو داود (4319) عن عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ) .
وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فمن شهد عيسى عليه السلام شهد الدجال ، والمسلم لا يسأل الله أن يدرك الفتن ، ولا هو بالذي يتعرض لها ، بل يسأل الله العافية منها ، ولا يسأل أمرا خفي عليه حاله ، لا يدري – إن شهده – على أي حال يكون فيه .
روى أحمد (23810) عن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ يَوْمًا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ، فَاسْتُغْضِبَ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ، مَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ” مَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مَحْضَرًا غَيَّبَهُ اللهُ عَنْهُ، لَا يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ فِيهِ، وَاللهِ لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامٌ كَبَّهُمُ اللهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ لَمْ يُجِيبُوهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، أَوَلَا تَحْمَدُونَ اللهَ إِذْ أَخْرَجَكُمْ لَا تَعْرِفُونَ إِلَّا رَبَّكُمْ، مُصَدِّقِينَ لِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ، قَدْ كُفِيتُمُ الْبَلَاءَ بِغَيْرِكُمْ؟! “.
وصححه محققو المسند .
فلا يتمنين أحدنا أمرا غيبه الله عنه ؛ لا يدري كيف يكون حاله فيه ، وليسأل الله الثبات على الدين ، ويكثر من قول : ” يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك “.
والحاصل :
أن الذي يظهر عدم مشروعية الدعاء بطول العمر حتى نزول عيسى ورؤية الآيات ، ولكن ليسأل أحدنا ربه أن يطيل عمره في طاعته ، ويرزقه العمل الصالح ، ويختم له به .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (41017).
وأما تقوية الإيمان : فتكون بالطاعة والعمل الصالح ، والبعد عن المعصية وأهلها ، وحب الذكر والقرآن ، والإقبال على فعل المعروف .
راجع للاستزادة في جانب تقوية الإيمان جواب السؤال رقم : (223615)
والله تعالى أعلم .
تعليق