الحمد لله.
أولا:
الطبيب إذا جنت يده : ضمن ، ولو كان ماهرا، لكن لا إثم عليه حينئذ ، فإن كان غير ماهر: أثم ، وضمن.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فأما إن كان حاذقا وجنت يده ، مثل أن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة ، أو إلى بعضها ، أو قطع في غير محل القطع ، أو يقطع السلعة من إنسان ، فيتجاوزها ، أو يقطع بآلة كالة يكثر ألمها ، أو في وقت لا يصلح القطع فيه ، وأشباه هذا ضمن فيه كله ؛ لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ ، فأشبه إتلاف المال . ولأن هذا فعل محرم ، فيضمن سِرايته ، كالقطع ابتداء .
وكذلك الحكم في البَزَّاغ [وهو الحجام ، والبيطار] ، والقاطع في القصاص وقاطع يد السارق وهذا مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا " انتهى من "المغني" (6/133) .
وينظر في حالات ضمان الطبيب: سؤال رقم : (114047) ، ومنها : الطبيب إذا أخطأ في وصف الدواء ، فأتلف عضوا أو نفسا.
ثانيا:
الظاهر من سؤالك : أن الطبيبة أخطأت فيما صنعته، وخطؤها يحتمل وجهين:
الأول: أن السن لم تكن بحاجة إلى حفر يصل إلى كشف العصب ويحدث ما سميته بالثقب، وهذا الحفر الزائد يؤدي إلى إفساد العصب، وزيادة الكلفة في وضع الحشو الخاص بذلك ، ثم وضع الحماية فيما بعد على ظاهر السن.
الثاني: أن تكون السن بحاجة إلى مثل هذا الحفر، لكن أخطأت في وضع الحشو على العصب مباشرة، أو أخطأت في وضع حشوة (عادية) لا تستعمل عند تضرر العصب.
وعلى أية حال ؛ فإن مرجع ذلك إلى أهل الخبرة، فينبغي أن يعرض الأمر على طبيبين ثقتين ، ليقررا وجه خطأ الطبيبة ، وهل تعدّت فأفسدت السن ، أو أخطأت في وضع الدواء المناسب.
ويترتب على ذلك تضمينها ما أتلفت ، أو تحميلها أجرة علاج ما أفسدت، وذلك بتقدير أهل الخبرة من الأطباء أيضا.
والسن إذا أزيلت بالكلية خطأ : ففيها خمس من الإبل .
لكن إذا لم تزل ولكن فسد أصلها، ففيها حكومة عدل، وهو تقدير أهل الخبرة.
وأما أجرة الطبيبة، فإن كانت لم تعالج السن ، بل أفسدتها، فإنها لا تستحق أجرة.
قال الدكتور هويمل عوجان في بحثه "ضمان الطبيب في الشريعة الإسلامية والقانون":
" إذا أخطأ الطبيب أثناء ممارسة ومزاولة مهنته، وأدى خطؤه إلى إضرار بالمريض، فإنه لا يستحق الأجرة الناتجة عن العقد الطبي ، بل يُستعاد منه ما أخذه من المريض، لأن ما قام به لم يحقق النفع للمريض .
إضافة إلى ذلك ، فإنه يتحمل النفقات الطبية الأخرى الناتجة عن محاولة إزالة الأضرار التي يعرض لها المريض.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا ضرر ولا ضرار" ، وهذه قاعدة من قواعد الشريعة العامة، لأن من أحدث ضررا، يتعين عليه تحمل تبعاته ونتائجه ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن مقابلة الضرر بمثله، وبالتالي فإن التدبير السديد يكون بالتضمين عن الضرر.
جاء في الدر المختار: "للمجني عليه أن يرجع على الجاني بما أنفقه من ثمن الدواء وأجرة الأطباء"" انتهى.
وينبغي أن يُعلم أن مسائل المنازاعات : لا تكفي فيها الفتوى، إذا يلزم سماع الطرفين ، والوقوف على حقيقة الأمر، فلعلك تشافه بمسألتك أهل العلم في بلدك ، بعد الحصول على تقرير الطبيبين.
والله أعلم.
تعليق