الحمد لله.
لا يعرف لهذا الخبر مستند صحيح ، والظاهر أنه مجمّع وملفق من معاني عدة أحاديث وأخبار مشهورة .
وهذا الخبر شبيه للخبر الموضوع المنتشر والمتداول بين الناس– ولعله هو نفسه لكن تغيرت ألفاظه بسبب تعدد الترجمات له – وهو :
عن خالد بن الوليد قال: " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله: جئت أسألك عما يغنيني في الدنيا والآخرة ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل عما بدا لك ، قال: أريد أن أكون أعلم الناس ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اتق الله تكن أعلم الناس ، قال: أريد أن أكون أغنى الناس ؟ قال صلى الله عليه وسلم: كن قانعا تكن أغنى الناس ، قال: أحب أن أكون أخص الناس إلى الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم: أكثر ذكر الله تكن أخص الناس إلى الله ، قال: أحب أن يكمل إيماني ؟ قال صلى الله عليه وسلم: حسن خلقك يكمل إيمانك ، قال: أحب أن أكون من المحسنين ؟ قال صلى الله عليه وسلم: اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال: أحب أن أكون من المطيعين ؟ قال صلى الله عليه وسلم: أد فرائض الله تكن من المطيعين، قال: أحب أن ألقى الله نقيا من الذنوب؟ قال صلى الله عليه وسلم: اغتسل من الجنابة متطهرا تلقى الله نقيا من الذنوب ، قال: أحب أن أحشر يوم القيامة في النور ؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا تظلم نفسك ولا تظلم الناس تحشر يوم القيامة في النور ، قال: أحب أن يرحمني ربي يوم القيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: ارحم نفسك وارحم خلق الله، يرحمك ربك يوم القيامة... " الى آخر القصة الطويلة .
وقد سُئل عنه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى فأجاب :
" هذا الحديث جاء في (كنز العمال) باختلاف عما جاء هنا ونصه: كما جاء في الجزء 16 من كتاب (كنز العمال) تحت الرقم (44154) قال الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى: وجدت بخط الشيخ شمس الدين بن القماح في مجموع له عن أبي العباس المستغفري، قال: قصدت مصر أريد طلب العلم من الإمام أبي حامد المصري والتمست منه حديث خالد بن الوليد فأمرني بصوم سنة ، ثم عاودته في ذلك فأخبرني بإسناده عن مشائخه إلى خالد بن الوليد قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عما في الدنيا والآخرة ، فقال له: سل عما بدا لك، قال: يا نبي الله أحب أن أكون أعلم الناس ، قال: اتق الله تكن أعلم الناس، فقال: أحب أن أكون أغنى الناس ، فقال: كن قنعا تكن أغنى الناس ، قال: أحب أن أكون خير الناس ، فقال: خير الناس من ينفع الناس فكن نافعا لهم . فقال: أحب أن أكون أعدل الناس ، قال: أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس ، قال: أحب أن أكون أخص الناس إلى الله تعالى ، قال: أكثر ذكر الله تكن أخص العباد إلى الله تعالى ، قال: أحب أن أكون من المحسنين ، قال: اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، قال: أحب أن يكمل إيماني ، قال: حسن خلقك يكمل إيمانك ، فقال أحب أن أكون من المطيعين قال: أد فرائض الله تكن مطيعا، فقال: أحب أن ألقى الله نقيا من الذنوب ، قال: اغتسل من الجنابة متطهرا تلق الله يوم القيامة وما عليك ذنب ، قال: أحب أن أحشر يوم القيامة في النور ، قال: لا تظلم أحدا تحشر يوم القيامة في النور ، قال: أحب أن يرحمني ربي ، قال: ارحم نفسك وارحم خلق الله يرحمك الله ، قال: أحب أن تقل ذنوبي ، قال: استغفر الله تقل ذنوبك، قال: أحب أن أكون أكرم الناس، قال: لا تشكون الله إلى الخلق تكن أكرم الناس، فقال: أحب أن يوسع علي في الرزق ، قال: دم على الطهارة يوسع عليك في الرزق، قال: أحب أن أكون من أحباب الله ورسوله ، قال: أحب ما أحب الله ورسوله وأبغض ما أبغض الله ورسوله ، قال: أحب أن أكون آمنا من سخط الله ، قال: لا تغضب على أحد تأمن من غضب الله وسخطه ، قال: أحب أن تستجاب دعوتي ، قال: اجتنب الحرام تستجب دعوتك، قال: أحب أن لا يفضحني الله على رءوس الأشهاد، قال: احفظ فرجك كيلا تفتضح على رءوس الأشهاد ، قال: أحب أن يستر الله علي عيوبي، قال: استر عيوب إخوانك يستر الله عليك عيوبك ، قال: ما الذي يسكن غضب الرحمن؟ قال: إخفاء الصدقة وصلة الرحم ، قال: ما الذي يطفئ نار جهنم ، قال: الصوم " ، من كتاب كنز العمال (ص 127 - 129) .
والحديث المذكور موضوع ورواته مجاهيل ، وكأن واضعه جمع متنه من الأحاديث الصحيحة ، ومن بعض كلام أهل العلم ، وبعض ألفاظه منكرة لا توافق الأدلة الشرعية .
ولا ريب أن العمدة فيما ذكره في هذا الحديث هو ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة ، أما هذا المتن فلا يعتمد عليه ، ولا يحتج به ؛ لأنه ليس له إسناد صحيح ، والله ولي التوفيق " .
انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (26 / 324 – 326) .
تعليق