الحمد لله.
أولاً :
تحسين الصوت بالقراءة أمرٌ جيد وطيب ولا حرج فيه بل هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن البراء رضي الله عنه قال : سمعت النَّبي صلى الله عليه وسلم يقرأ والتين والزيتون في العشاء ، وما سمعتُ أحداً أحسن صوتاً منه - أو قراءة - .
رواه البخاري ( 735 ) ومسلم ( 464 ) .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة أبي موسى الأشعري وهو صاحب الصوت الندي الشجي ، لكن هذا التحسين المرغب به للصوت ينبغي أن لا يُخرج الكلام عن موضعه ، وينبغي أن لا يشابه بقراءته ألحان الفسقة من المغنين .
عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى " لو رأيتَني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد أوتيتَ مزماراً من مزامير آل داود " .
رواه البخاري ( 4761 ) ومسلم – واللفظ له - ( 793 ) .
قال النووي :
قال القاضي : أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها ، قال أبو عبيد : والأحاديث الواردة في ذلك محمولة على التحزين والتشويق ، قال : واختلفوا في القراءة بالألحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم ، وأباحهما أبو حنيفة وجماعة من السلف للأحاديث ؛ ولأن ذلك سبب للرقة وإثارة الخشية وإقبال النفوس على استماعه .
قلت : قال الشافعي في موضع : أكره القراءة بالألحان ، وقال في موضع : لا أكرهها ، قال أصحابنا : ليس له فيها خلاف ، وإنما هو اختلاف حالين ، فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن موضعه بزيادة أو نقص أو مد غير ممدود وإدغام ما لا يجوز ونحو ذلك ، وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغير لموضوع الكلام ، والله أعلم .
" شرح مسلم " ( 6 / 80 ) .
ثانياً :
أما فعل إمامكم بعد الصلاة من " وضع كفيه على جبينه ويقول : يا حي يا قيوم سبع مرات " : فهذا ليس له أصل من الشرع وليس هو في " صحيح مسلم " ولا في غيره من كتب السنَّة الصحيحة ، وهي بدعة منكرة عليكم مناصحته بتركها وتبيين حكم الشرع في الذِّكر البدعي .
أما الصلاة خلف هذا الإمام : فجائزة ، لكن من الأفضل أن تبحثوا لكم عن إمامٍ يقيم السنَّة ويعلمكم إياها ؛ لأنه يُخشى أن يغترَّ به بعض المصلِّين فيقلده وينشر بدعته ، وقبل هذا لا تتركوا نصيحته وإرشاده للسنَّة الصحيحة في الذِّكر خاصَّة وفي العبادة عامة ، فإن أصرَّ على بدعته فلا مانع من العمل على منعه من إمامة الصلاة .
وقد قال علماء اللجنة الدائمة :
وأما الصلاة خلف المبتدعة : فإن كانت بدعتهم شركية كدعائهم غير الله ونذرهم لغير الله واعتقادهم في مشايخهم ما لا يكون إلا لله من كمال العلم أو العلم بالمغيبات أو التأثير في الكونيات : فلا تصح الصلاة خلفهم، وإن كانت بدعتهم غير شركية ؛ كالذكر بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن مع الاجتماع والترنحات : فالصلاة وراءهم صحيحة ، إلا أنه ينبغي للمسلم أن يتحرى لصلاته إماماً غير مبتدع ؛ ليكون ذلك أعظم لأجره وأبعد عن المنكر .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 7 / 353 ) .
والله أعلم .
تعليق