الحمد لله.
العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزّرعي ، المعروف بابن القيم رحمه الله ، عالم رباني من كبار علماء المسلمين ، وله الأثر الطيب في نشر العقيدة السلفية ونصرتها والذب عنها وكشف شبهات مخالفيها، ومما صنف في ذلك: "نونيته" المشهورة ، المسماة بــ " الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية"
انتصر فيها لعقيدة السلف الصالح، ورد فيها على مخالفيهم، وبيّن أنهم يسعون في هدم قواعد الإسلام ، فنقض حججهم وكشف شبهاتهم وتدليساتهم.
والمصادر التي اعتمد عليها في "نونيته" هي نصوص الكتاب والسنة ، وأقوال الصحابة وسلف الأمة ، وما عليه أهل السنة والجماعة .
يقول الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :
"(النونية الكافية الشافية) للإمام المحقق شمس الدين ابن القيم كتاب عظيم، وكتاب متين في تقرير عقيدة السلف الصالح، وهو أيضًا مبسوط، وفيه بيانٌ واضح، واستدلال على مسائل الاعتقاد من الكتاب والسنة .
في النظم: إشارات إلى الآيات وإشارات إلى أحاديث، وفيه تخريج لأحاديث، وفيه جرح وتعديل، فهو لبيان عقيدة أهل السنة والجماعة المستمدة من الكتاب والسنة، وفيه شيء من الطول إذ يقرب عدد أبياتها من ستة الآلاف، فهي خمسة آلاف وثمانمائة وزيادة .
ولها شروح، وهي محل عناية لأهل العلم، فمن شروحها (شرح ابن عيسى) وهو شرح متوسط ليس بالطويل ولا بالقصير، ومن شروحها شرح لمحمد خليل الهراس، وشرحه أقرب ما يكون إلى التحليلي ، لكنه فيه نوع اختصار كسابقه، وإلا فـ(النونية) تحتمل أسفارًا؛ لأن فيها علما عظيما، وفي فنون متعددة.
والشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- أيضًا له (توضيح الكافية الشافية)، وهو شرح مختصر جدًا ، على أوائلها ، وانتقاء من بعض الأبيات، ولم يشرح القسم الأخير منها اكتفاء بـ(حادي الأرواح) لابن القيم ، الذي فيه اتفاق كبير مع ما نظمه في آخر (النونية) ، من وصف الجنة ، وما أعده الله لأوليائه فيها، فما كتبه الشيخ ابن سعدي فيه شيء من الدقة، وفيه شيء من التميز، ويستفيد منه طالب العلم إلا أنه مختصر جدًا.
المقصود أن (النونية) كتاب عظيم على طالب العلم أن يعتني بها، ولا يستغني عنها من أراد فهم عقيدة السلف .
ومع ذلك هي نظم نافع وماتع، ويمكن لطالب العلم أن يردده ويفهمه ويترنم به، وهذه جادة مسلوكة عند أهل العلم، يعتنون بالنظم؛ لأنه يضبط العلوم، و(النونية) في غاية الأهمية في هذا الباب، ومع ذلك ما زالت بحاجة إلى شرح مبسط يحل جميع إشكالاتها ".
انتهى مختصرا من موقع الشيخ .
http://shkhudheir.com/fatawa/1326306537
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله فصلا في "نونيته" فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة، وابتدأه بقوله :
يا خاطب الحور الحسان وطالبا ... لوصالهن بجنة الحيوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ ... ـت بذلت ما تحوي من الأثمان
ثم ذكر فصلا بعد ذلك في صفة عرائس الجنة ، وحسنهن وجمالهن ، ولذة وصالهن ومهورهن، ثم شرع في وصفهن ، فوصف الخدود والقدود ....
والواصف ربما سرح به خياله من شدة الشوق والحنين ، لا سيما في مقام النظم ، وما يستدعيه من المجازات ، والكنايات ، والتسمح في العبارات ؛ وهذا مقام معلوم ، وجادة مسلوكة لدى الشعراء والناظمين ، فليوزن الكلام بحسب حاله ، ومقامه .
ومن أراد معرفة تفاصيل ما ذكره ، في هذه الفصل ، من الكتاب والسنة والآثار ؛ فليرجع إلى كتابه النافع : "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" .
ويمكن مراجعة الكلام حول النونية ، ومواردها ، ومنهجها ، وشروحها ، وما يتعلق بذلك = يمكن مراجعة ذلك كله في المقدمة العلمية النافعة لمحقق طبعة عالم الفوائد : الشيخ العالم المحقق : محمد أجمل إصلاحي ، حفظه الله .
وينظر السؤال رقم (60188) ، (127762) ، (193409) ، (243879)
والله تعالى أعلم .
تعليق