الحمد لله.
أولا:
البريلوية فرقة صوفية غالية، ولها اعتقادات شركية باطلة، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (150265) ونقلنا فيه فتوى اللجنة الدائمة وفتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في عدم جواز الصلاة خلفهم.
ثانيا:
أهل البدع المكفرة، منهم من يكفر ببدعته عينا إذا لم يكن معذورا بجهل أو تأويل، ومنهم لا يكفر عينا لعدم قيام الحجة عليه.
فإذا كان المنتسب لهذه الفرقة كافرا عينا، لم تجز الصلاة خلفه اتفاقا، ولا يسوغ الخلاف في ذلك.
وإن كان لا يكفر؛ لكونه معذورا بجهل أو تأويل، فالصلاة خلفه محل نزاع بين الفقهاء؛ إذ منهم من لا يصحح الصلاة خلف الفاسق والمبتدع، ومنهم من يصححها، وهو خلاف سائغ.
بل الخلاف في عذر الجاهل المتلبس بالشرك خلاف سائغ أيضا، ولهذا فإن من لا يعذر بالجهل في مسائل الشرك الظاهرة، لا يصحح الصلاة خلف أصحابها، وهذا ما عليه اللجنة الدائمة للإفتاء.
وسئلت "اللجنة الدائمة" (7/364) "هل تجوز الصلاة خلف الإمام المبتدع ؟
فأجابت : " من وجد إماما غير مبتدع فليصل وراءه دون المبتدع ، ومن لم يجد سوى المبتدع نصحه عسى أن يتخلى عن بدعته ، فإن لم يقبل وكانت بدعته شركية كمن يستغيث بالأموات أو يدعوهم من دون الله أو يذبح لهم فلا يصلى وراءه لأنه كافر ، وصلاته باطلة ، ولا يصح أن يجعل إماما ، وإن كانت بدعته غير مكفرة كالتلفظ بالنية ، صحت صلاته وصلاة من خلفه " . انتهى.
ومن يرى العذر بالجهل في هذه المسائل، وهو القول الراجح في المسألة ، كما ذكرنا في فتاوى كثيرة في الموقع ، فإنه لا يكفر أصحابها، ويصحح الصلاة خلفهم.
لكن قد يفتي بمنعها زجرا وهجرا وتنفيرا عن البدعة وأهلها، وهذا هو القول الأقرب والله أعلم، فحيث كان الإمام من هؤلاء جاهلا أو متأولا، فإنه لا يكفر، لكن يفتى بمنع الصلاة خلفه ما دام معروفا ببدعته، إذا أمكن الصلاة خلف غيره من أهل السنة ، حتى يتوب ويرجع؛ ولئلا تكون الصلاة خلفه داعية لإحسان الظن به وأخذ الشرك عنه.
لكن إذا لم يوجد غيره، كما في صلاة العيدين، جازت الصلاة خلفه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في " مجموع الفتاوى " (23/355) : " وأما الصلاة خلف المبتدع: فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل .
فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد ، وكالعيدين ، وكصلوات الحج خلف إمام الموسم : فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة ، وإنما يدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة، أهل البدع ؛ كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة .
إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد ، فصلاته في الجماعة خلف الفاجر ، خير من صلاته في بيته منفردا ؛ لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقا .
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع : فهو أحسن ، وأفضل ، بلا ريب .
لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء ، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته . وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما النزاع وتفصيل .
وهذا إنما هو في البدعة التي يُعلم أنها تخالف الكتاب والسنة ، مثل بدع الرافضة والجهمية ونحوهم .
فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد ، مثل " مسألة الحرف والصوت " ونحوها ، فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعا ، وكلاهما جاهل متأول ، فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس .
فأما إذا ظهرت السنة ، وعُلِمت ، فخالفها واحد : فهذا هو الذي فيه النزاع والله أعلم " انتهى .
والحاصل :
أن من كان على بدعة مكفرة كالاستغاثة بالأموات، فإن كانت قد أقيمت عليه الحجة ، ولم يكن جاهلا، ولا متأولا: فهو كافر، ولا تصح الصلاة خلفه.
وأما إن كان جاهلا ، أو متأولا ، لم تقم عليه الحجة: فالقول المعتبر في المسألة أنه لا يكفر ، لكن تمنع الصلاة خلفه ، زجرا وهجرا له.
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (150090) ، ورقم : (148123) ، ورقم : (256198) .
والله أعلم.
تعليق