الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

أمه زعمت أنه من سفاح فماذا يترتب على ذلك ؟

272877

تاريخ النشر : 05-07-2017

المشاهدات : 4982

السؤال

تزوجت منذ سنتين و في مرة كنت أجلس مع أمي ، وأثناء الحديث طعنت أمي في نسبي لأبي وأخبرت أنني بن سفاح ... نطقت بذلك القول بإرادتها الحرة وفي كامل وعيها ثم انصرفت عني وخرجت .. وخرجت لأهلي وأقاربي وقالت لهم ذلك أيضا ... ناشدتكم الله ماذا أفعل ؟ وما الآثار الشرعية المترتبة على ذلك ؟؟ علما بأنني قاطعتها منذ ذلك اللحظة بعد أن ذهب وجهي كله في الأرض عند جميع الناس ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ما قامت به والدتك من الطعن في نسبك، والقدح في عفتها منكر عظيم، سواء كانت كاذبة حملها الغضب ، أو الغيرة على ذلك، أو كانت صادقة !!

فإن الطعن في الأنساب : محرم، وهتك ستر الله ، وفضح النفس : أمر قبيح ؛ لا سيما إذا كان يلحق الأذى والضرر بالآخرين.

روى مسلم (934) عن أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ ).

وقال صلى الله عليه وسلم يقول : ( اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل ) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 663 .

وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ).

ثانيا:

لا يترتب على ما قالته والدتك شيء بخصوص نسبك أنت ، حتى لو فرض صدقها في أنها ارتكبت الحرام، فإن هذا لا يلزم منه انتفاؤك من أبيك، فإن الولد للفراش.

والنسب هو حق للأب ، وليس للأم ، فلا ينتفي إلا إذا نفاه الأب ، ولا يكون ذلك إلا باللعان .

والذي ننصح به ألا تلتفت لهذا الأمر، وأن تدع البحث والتفتيش عنه، ويكفيك أن الولد لا ينفى نسبه إلا باللعان الذي يصدر من أبيه. فإذا لم يلاعن، فإن الولد منسوب له شرعا ، حتى لو اعترفت له زوجته بالزنا وصدقها.

وينظر: سؤال رقم (33615).

ثالثا:

ما قامت به والدتك لا يسقط حقها في البر والإحسان والصلة، فجاهد نفسك على ذلك، وصلها بما تقدر عليه، واحذر هجرها أو قطيعتها، والتمس لها عذرا ، فلعل شيئا أصاب عقلها، فإنه ليس من السهل أن تعترف امرأة على نفسها بالفجور ، هكذا ، دون داع ؛ لا سيما وهي قد أخبرت غيرك بهذا الأمر المستشنع .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله في بيان حكم هجر الوالدين: " وهكذا الرجل إذا كان إخوانه يضرونه أو أعمامه أو أخواله في مجالسهم فلا حرج أن يترك الذهاب إليهم، بل يشرع له ترك الذهاب إليهم وهجرهم، إلا إذا كانت الزيارة يترتب عليها النصيحة والتوجيه وإنكار المنكر؛ هذا طيب، إذا زارهم ينكر عليهم ويعظهم ويخوفهم من الله ، لعل الله أن يهديهم بأسبابه ، فهذا مطلوب، مشروع له ؛ أن يذهب إليهم للنصيحة والتوجيه .

إلا الوالدين، فالوالدان لهما شأن، الوالدان لا، لا يهجر والديه، بل يزور الوالدين ويعتني بالوالدين وينصح الوالدين ، ولا يهجرهما؛ لأن الله جل وعلا قال - سبحانه وتعالى - في كتابه العظيم في حق الوالدين: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (15) سورة لقمان، أمر أن يصحبهما بالمعروف ، وإن جاهداه على الشرك، لعل الله أن يهديهما بأسبابه، لأن حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات فلا يهجرهما، ولكن يتلطف فيهما .

وقد اجتهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه ، مع أنه مشرك معلن بالشرك، ومع هذا اجتهد إبراهيم في دعوة أبيه عليه الصلاة والسلام .

فالمقصود أن الوالدين لهما شأنٌ عظيم ، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف في نصيحتهما ، وتوجيههما إلى الخير ، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام أو غير ذلك ، لعل الله أن يهدي بأسبابه، ولهذا قال جل وعلا: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) وهما كافران .

هكذا الولد يعتني بوالديه ويصحبهما بالمعروف، وينفق عليهما إذا احتاجا إلى نفقته وأن يخاطبها بالتي هي أحسن لعل الله يهديهما بسببه" انتهى من فتاوى نور على الدرب (18/ 366).

وما عجزت عنه من أمر قلبك ، أو عجزت عن القيام به من ذلك : فنرجو أن يكون في محل العفو من الله رب العالمين .

وإذا انتقلت بأسرتك إلى مدينة واسعة ، أو بلد آخر ، يستقيم فيه عيشك ، وتمارس فيه حياتك بصورة طبيعية : فلعل هذا أن يكون أصلح لك ، وأبعد عن أذى الناس.

ونسأل الله أن يلطف بك، ويذهب غيظ قلبك، ويعفو عن والدتك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب