الحمد لله.
أولا :
سب دين الإسلام: كفر وردة عن الإسلام.
وأما سب دين شخص معين، ففيه تفصيل، فإن قصد بالسب دين الإسلام ، كان كافراً ، وإن قصد به حال الشخص المعين ، وطريقته في التدين ، وما هو عليه من الخُلق ونحو ذلك ، أو لم يقصد شيئا من ذلك أصلا ، وإنما هي كلمة ووصلة في كلام الجهال والسفهاء ، يتوصلون بها لتحقيق السب ، وتأكيده فلا يكفر الساب بشيء من ذلك.
وينظر: جواب السؤال رقم : (202699) .
وعليه: فإذا كان السب الصادر من زوجك من النوع الثاني، أي سب دين شخص معين، ولم يرد به سب الإسلام، فإنه لا يكفر، والنكاح قائم بحاله.
وإن كان سبه للدين نفسه، فهذا كفر وردة عن الإسلام .
فإن كان ذلك قبل الدخول بالزوجة : انفسخ النكاح في الحال .
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول ، انفسخ النكاح ، في قول عامة أهل العلم .
إلا أنه حكي عن داود ، أنه لا ينفسخ بالردة ، لأن الأصل بقاء النكاح .
ولنا: قول الله تعالى : (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) ، وقال تعالى : (فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن) .
ولأنه اختلاف دين يمنع الإصابة , فأوجب فسخ النكاح , كما لو أسلمت تحت كافر " انتهى من "المغني" (7/ 133).
وإن كانت الردة بعد الدخول ، فهل تقع الفرقة في الحال ، أم تتوقف الفرقة على انقضاء العدة ؟ خلاف بين الفقهاء :
فمذهب الشافعية والحنابلة : أنه إن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدة زوجته ، فنكاحه باق كما هو .
وإن انقضت العدة قبل رجوعه للإسلام وقعت الفرقة ، وليس له أن يرجع إلى زوجته إلا بعقد جديد .
ومذهب الحنفية والمالكية أن الردة توجب الفرقة في الحال ، ولو كان ذلك بعد الدخول .
وينظر : "المغني" (7/ 133) ، "الموسوعة الفقهية" (22/ 198) ، "الإنصاف" (8/ 216 )، "كشاف القناع" (5/ 121 )، "تحفة المحتاج" (7/ 328 )، "الفتاوى الهندية" (1/ 339 )، "حاشية الدسوقي"(2/ 270).
وبعض أهل العلم يرى أنه لو تاب بعد انقضاء العدة ، فله الرجوع إلى زوجته إن رضيت به ولم تكن قد تزوجت من غيره؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على زوجها أبي العاص بنكاحها الأول". رواه الترمذي (1143)،وأبو داود (2240)،وابن ماجة (2019) ، وصححه الألباني في"صحيح ابن ماجه" .
وينظر : "فتاوى أركان الإسلام" للشيخ ابن عثيمين ص 279 ، وجواب السؤال رقم:(21690) .
ولم يتبين من سؤالك: هل كان السب قبل الدخول أم بعده، كما لم يتبين هل هو سب للدين نفسه، أم سب لدين شخص معين، وما دمت قد استفتيت من تثقين فيه فأفتاك بأن العقد لم ينفسخ، فلا حرج عليك في الأخذ بقوله.
ثانيا:
المرتد إن أتى بالشهادتين ولو في الصلاة، حكم بإسلامه في الظاهر.
قال ابن قدامة في "المغني" (9/ 21): " إذَا ثَبَتَتْ رِدَّتُهُ بِالْبَيِّنَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا ، فَشَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، لَمْ يُكْشَفْ عَنْ صِحَّةِ مَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِهِ [أي : لا نسأله عما شهد به الشهود عليه ونتحقق من ذلك] ، وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ الْإِقْرَارَ بِمَا نُسِبَ إلَيْهِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ هَذَا يَثْبُتُ بِهِ إسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، فَكَذَلِكَ إسْلَامُ الْمُرْتَدِّ" انتهى .
وقال ابن مفلح في " المبدع " (7/ 488): " وَتَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ وَكُلِّ كَافِرٍ : إِسْلَامُهُ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" انتهى .
أما توبته فيما بينه وبين الله : فلا بد من توافر شروطها ، وهي :
- الإخلاص لله في التوبة .
- الندم على ما فعل .
- الإقلاع عن الذنب ، وعدم الإصرار عليه .
- العزم على ألا يعود إليه في المستقبل .
- أن تكون التوبة في وقت القبول .
وينظر: جواب السؤال رقم : (42505)، ورقم (223936)، ورقم (246392).
نسأل الله أن يهدي زوجك ويتوب عليه، ويصلح حالكما وبالكما.
والله أعلم.
تعليق