الحمد لله.
" العزيز " من أسماء الله الحسنى ، قال تعالى : ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) هود/66 ، وقال تعالى : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) الشعراء/9، وقال عز وجل: ( بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) سبأ/27 ، وقال عز وجل: ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يس/38، وقال سبحانه: ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ) الملك/ 2 .
والعزيز في اللغة: هو القوي الشديد الغالب، الذي لا يُغلب.
قَالَ الزَّجَّاجُ: " هُوَ الْمُمْتَنِعُ فَلَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ " .
وَقَالَ غَيْرُهُ: " هُوَ الْقَوِيُّ الْغَالِبُ كُلِّ شَيْءٍ " "لسان العرب" (5/ 374) .
وقال ابن الأثير رحمه الله :
" فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: (الْعَزِيزُ) وهُوَ: الغالِبُ القَويُّ الَّذِي لَا يُغْلَب .
والعِزَّة فِي الأصلِ: القُوَّة والشِّدَّة والغَلَبة، تقولُ: عَزَّ يَعِزُّ بِالْكَسْرِ: إِذَا صارَ عَزِيزاً، وعَزَّ يَعَزُّ بِالْفَتْحِ: إِذَا اشتَدَّ " انتهى من "النهاية" (3/ 228) .
وقال الزبيدي رحمه الله:
" العَزيز : مَأْخُوذٌ من العِزّ، وَهُوَ الشِّدَّة والقَهْر، وسُمِّي بِهِ الملك؛ لِغَلَبَتِه على أهلِ مَمْلَكَتِه "
انتهى من "تاج العروس" (15/ 232) .
والعزّة التي هي من صفات الله : لها ثلاثة معان:
عزة الامتناع.
وعزة القهر والغلبة.
وعزة القوة.
وكلها لله تعالى على أتم وجه وأكمله.
قال ابن القيم رحمه الله في "نونيته" (ص: 205):
وهو العزيز فلن يُرام جنابه ** أنى يُرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لمْ ** يغلبه شيء ؛ هذه صفتان
وهو العزيز ، بقوة ، هي وصفه ** فالعز ، حينئذ : ثلاث معان
وهي التي كملت له سبحانه ** من كل وجه عادم النقصان
قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله في "شرحه":
" وأما العزيز: فهو الموصوف بالعزة، وقد ذكر المؤلف لها ثلاث معان:
1 - العزة: بمعنى الامتناع على من يرومه من أعدائه، فلن يصل إليه كيدهم، ولن يبلغ أحد منهم ضره وأذاه، كما في الحديث القدسي: (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) رواه مسلم (2577)، وإلى هذا المعنى أشار بقوله: (فلن يرام جنابه) أي لن يقصد أحد حماه الأقدس فيقهره أو يغلبه .
والعزة بهذا المعنى من: عز يعِز، بكسر العين في المضارع، قال الشاعر:
لَنا جَبَلٌ يَحْتَلُّهُ مَنْ نُجِيرُهُ ** يَعِزُّ على مَنْ رَامَهُ ويطُولُ
2 – والثاني: العزة: بمعنى القهر والغلبة، وهي من: عز يعُز ، بضم العين في المضارع ، يقال: عزه إذا غلبه .
فهو سبحانه القاهر لأعدائه الغالب لهم، ولكنهم لا يقهرونه ولا يغلبونه .
وهذا المعنى هو أكثر معاني العزة استعمالا.
3 – والثالث: العزة: بمعنى القوة والصلابة، من عز يعَز بفتحها، ومنه قولهم: أرض عَزَاز ، للصلبة الشديدة .
وهذه المعاني الثلاثة للعزة ثابتة كلها للّه عز وجل، على أتم وجه وأكمله، وأبعده عن العدم والنقصان " انتهى من "شرح القصيدة النونية" (2/ 79) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
"( العزيز ): الذي له العزة كلها ؛ عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع .
فممتنع أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته.
فمعاني العزة الثلاث كلها كاملة لله العظيم:
عزة القوة، الدال عليها من أسمائه (القوي المتين)، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات ، وإن عظمت.
وعزة الامتناع، فإنه هو الغني بذاته، فلا يحتاج إلى أحد، ولا يبلغ العباد ضره فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه، بل هو الضار النافع المعطي المانع.
وعزة القهر والغلبة، لكل الكائنات، فهي كلها مقصورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك ، ولا يتصرف متصرف، إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا به " .
انتهى من "تفسير أسماء الله الحسنى" (ص: 214) .
والله تعالى أعلم.
تعليق