الحمد لله.
من نذر أن يقرأ ختمة من القرآن وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، فإنه يكفر كفارة يمين؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ رواه أبو داود (3322).
قال الحافظ في الفتح: "رواه ثقات، لكن أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا وهو أشبه".
قال ابن قدامة في " المغني" (10/ 72): "من نذر طاعة لا يطيقها ، أو كان قادرا عليها ، فعجز عنها : فعليه كفارة يمين" انتهى.
وليس لهذه المرأة أن توكل غيرها في القراءة عنها؛ لأنها عبادة بدنية، فلا تدخلها النيابة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ولا يجوز أن ينوب عنه في الصيام بإذنه، ولا بغير إذنه؛ لأنه عبادة بدنية، فلا تدخلها النيابة" انتهى من "المغني" (9/ 549).
ولو كانت نذرت مالا، لصح لغيرها أن يدفع عنها، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (228331) .
بخلاف الأعمال البدنية، كالصلاة والصوم والقراءة، فالأصل أنه لا نيابة فيها إلا ما ورد فيه الشرع كالصوم عن الميت ، والحج عن غير المستطيع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"حق الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم يدخله التوكيل مطلقاً، وقسم لا يدخله مطلقاً، وقسم فيه تفصيل.
القسم الأول: كل العبادات المالية تدخلها النيابة ، كتفريق زكاة وصدقة وكفارة.
القسم الثاني: العبادات البدنية لا تصح فيها الوكالة، مثل الصلاة والصيام والوضوء والتيمم وما أشبهها، فهذه عبادة بدنية تتعلق ببدن الإنسان فلا يمكن أن تدخلها النيابة...
فإن قيل: يرد على هذا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: من مات وعليه صيام صام عنه وليه، فهذا يدل على أن العبادة البدنية يكون فيها نيابة ؟
فالجواب: أن هذا ليس عن طريق التوكيل، ولكن هذا تشريع من النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فهو في الحقيقة أصيل ، وليس بوكيل، ولهذا يصوم الإنسان عن ميته سواء أوصى به أم لم يوصِ به، فالمسألة هنا ليست من باب الوكالة، لكنها من باب القيام مقام الشخص بأمرٍ من الشرع.
القسم الثالث من العبادات: هو الذي يصح فيه التوكيل على التفصيل، مثل الحج، فيجوز فيه التوكيل في الفرض للذي لا يستطيع أن يحج، أي أنه عاجز عن الحج عجزاً مستمراً، وسيأتي تفصيل ذلك.
المهم : أن الأصل في حقوق الله أنه لا يجوز فيها الوكالة؛ لأن حقوق الله المقصود بها إقامة التعبد لله ـ عزّ وجل ـ وهذه لا تصح إلا من الإنسان نفسه؛ لأنك لو وكلت غيرك، فهل بفعله تحس بأن إيمانك زاد به؟
الجواب: لا؛ ولذلك كان الأصل في حقوق الله ألاّ تصح الوكالة فيها، هذا هو الضابط؛ وذلك لأن المقصود بها التعبد لله، وهذا لا يصح فيما إذا قام به غير المكلف .
إذاً ؛ لا نجيز الوكالة في شيء من العبادات إلا فيما ورد فيه الشرع، هذا هو الأصل" انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 334).
والله أعلم.
تعليق