الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

تنازلت المطلقة عن نفقة العدة ثم تراجعت أثناءها

307160

تاريخ النشر : 27-09-2022

المشاهدات : 4385

السؤال

رجل طلق امرأته، ثم سألها أن تتنازل عن نفقتها أثناء العدة فوافقت، لكن بعد ذلك في أثناء العدة قالت: لم يكن لها حق في التنازل عن تلك النفقة، والعدة قد انتهت، فهل عليه شيء الآن؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كان الطلاق رجعيا، وهو طلاق المدخول بها على غير عوض، الطلقة الأولى أو الثانية، فإن للمطلقة النفقة مدة العدة.

قال ابن حزم رحمه الله في "مراتب الإجماع"، ص78: "وَاتَّفَقُوا أَن للمعتدة من طَلَاق رَجْعِيّ: السُّكْنَى، وَالنَّفقَة" انتهى.

ثانيا:

إذا تنازلت المطلقة عن نفقة العدة وهي بالغة رشيدة، صح تنازلها، وهو تبرع منها.

فإن عادت فطالبت بالنفقة، فلها نفقة ما تبقى من العدة؛ لأن حقها في النفقة يتجدد شيئا فشيئا، فلها المطالبة بما سيأتي من النفقة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/207): "وإن رضيت بالمقام معه مع عسرته، أو ترك إنفاقه، ثم بدا لها الفسخ، أو تزوجت معسرا عالمة بحاله، راضية بعسرته، وترك إنفاقه، أو شرط عليها أن لا ينفق عليها، ثم عَنَّ لها الفسخ؛ فلها ذلك. وبهذا قال الشافعي.

وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد، ليس لها الفسخ، ويبطل خيارها في الموضعين. وهو قول مالك...

ولنا، أن وجوب النفقة يتجدد في كل يوم، فيتجدد لها الفسخ، ولا يصح إسقاط حقها فيما لم يجب لها، كإسقاط شفعتها قبل البيع. ولذلك لو أسقطت النفقة المستقبلة لم تسقط" انتهى.

وقال في "مطالب أولي النهى" (5/637): " (ولها أي: زوجة المعسر الفسخ بعده) أي: بعد رضاها بالمقام معه ... (أو قالت: أسقطت النفقة المستقبلة، ثم بدا لها الفسخ: فلها ذلك) ؛ لأن النفقة يتجدد وجوبها كل يوم، فيتجدد لها الفسخ كذلك ، ولا يصح إسقاط نفقتها فيما لم يجب لها، كالشفيع يُسقط شُفعته قبل البيع، وكذا لو أسقطت المهر أو النفقة قبل النكاح" انتهى.

وعليه ؛ فيلزم الزوج النفقة من لحظة تراجع مطلقته، إلى انتهاء عدتها.

وأما ما مضى من النفقة قبل رجوعها، فليس لها المطالبة به؛ لأنه قد سقط، و"الساقط لا يعود".

قال في درر الحكام في شرح هذه القاعدة: " يعني إذا أسقط شخص حقا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها: يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا يعود.

أما الحق الذي لا يقبل الإسقاط: لا يسقط بإسقاط صاحبه له.

مثال: لو كان لشخص على آخر دين فأسقطه عن المدين، ثم بدا له رأي فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل، فلأنه أسقط الدين، وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها، فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين ويطالبه بالدين؛ لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه" انتهى من "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/54).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب