الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

تزوجت بغير ولي في بلاد الغرب، فكيف تقنع أهلها؟

328789

تاريخ النشر : 05-06-2023

المشاهدات : 2505

السؤال

انا واهلي مقيمون بألمانيا، وانا ادرس في مدينة غير مدينة اهلي. وتعرفت على شاب متدين جدا عن طريق زوجة امام الجامع الذي اعطي فيه دورسا، للاسف الشاب ليس عربي ولكنه خلوق جدا ومتدين جدا خاصة في بلد مثل المانيا فمن النادر وجود شاب مثله وتقدم لي وانا اريده تكلمت مع امي لكنها رفضت لانه غير عربي، حاولت اقناعها وقالت لي انها ستفكر ولكنها بحاجة للوقت..
الشاب متبع المذهب الحنفي وفي بلاده يجوز للفتاة الزواج دون ولي بشرط مهر المثل، وسألت عن هذا وقيل لي الشيء ذاته فاقتنعت على امل ان توافق عائلتي مع الوقت وعلى ان لايعلموا بزواجي.. وفعلا تم الامر وقدم لي المهر بوجود الشيخ والشهود.
ومنذ ذلك الحين حتى الان وانا احاول اقناع اهلي به لكنهم الان اكثر عنادا من قبل ولا استطيع مصارحتهم لاني لا اعرف ما يمكن ان يحصل والان وبعد ان تقدم رسميا لي ابي رافض تماما التحدث حتى في الموضوع.. ولا اعرف ماذا افعل من جهة اهلي لا اريد عقوقهم ومن ناحية اخرى زوجي..
فماهو العمل الافضل في هذا الحال لكن دون مصارحة الاهل بالزواج لانني لا اتوقع خيرا بهذه الطريقة مع العمل ان هناك اشخاصا كثر دخلو على الخط وحاولو لكن دون نتيجة

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

الذي يظهر أن امتناع أهلك عن تزويجك من شاب على دين وخلق بحجة أنه غير عربي، وفي ظروف العيش في البلاد الغربية التي يصعب فيها التكهن والانتظار بأن يتقدم لكِ شاب عربي متصف بالدين والأخلاق، يجعلهم بحكم العاضل.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه...

وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد" انتهى من "المغني"(9/383).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه، وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها: أن يزوجها؛ لأن له ولاية عامة، ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة" انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/148).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (171588)

ثانياً:

الأصل أنّ النكاح لا يصح بغير ولي عند جماهير العلماء، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في فتوى سابقة في الموقع يحسن الرجوع إليها (132787).

لكن، إذا كان الذي أتم لكما عقد النكاح مدير المركز الإسلامي، أو إمام المسجد بمنطقتكم، فإن النكاح صحيح؛ لأنّ هذا النكاح مختلف في صحته، فإذا وقع لم يُنقض.

ولأن من عضلها وليُّها، تولى نكاحها الحاكم المسلم إن وجد، كما سبق.

فإن لم يوجد قاض شرعي، كما هو حال المسلمين في الغرب مثلا: قام مقامه مدير المركز الإسلامي، أو إمام المسجد في منطقتكم، أو عدل من المسلمين، ترضونه لذلك.

قال ابن قدامة رحمه الله: "لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها، أو عضلهم، وبه يقول مالك والشافعي واسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي، والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم " فالسلطان ولي من لا ولي له ". وروى أبو داود بإسناده عن أم حبيبة أن النجاشي زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت عنده.

ولأنّ للسلطان ولاية عامة، بدليل أنه يلي المال ويحفظ الضوال، فكانت له الولاية في النكاح كالأب" انتهى من "الشرح الكبير" (7/ 417).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإذا تعذر من له ولاية النكاح: انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد، ممن له نوع ولاية في غير النكاح، كرئيس القرية، وأمير القافلة ونحوه" انتهى من "الاختيارات" (ص:350).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

"الواجب على الولي أن يتقي الله ، وألاّ يعضلها، وأن يجتهد في تيسير الزواج لها، إذا خطبها الكفء ، واجب على الولي أن يسهل في ذلك ، وأن يجتهد في إحصان موليته ، وتسهيل زواجها وعدم التعنت والتكلف في المهر، ولا في الولائم ولا في غير ذلك .

هذا الواجب عليه ، فإذا عضلها أو تكلف في هذه الأمور، في إمكانها أن ترفع الأمر إلى المحكمة ، إذا كانت في بلادها محكمة، حتى تنظر المحكمة في الأمر، وتأخذ على يد الولي. أما إذا كانت المرأة في بلاد ليس فيها ولي ، لا أخ ولا أب ولا ابن عم، فإن الحاكم يقوم مقام الولي ، وليها الحاكم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (السلطان ولي من لا ولي له ) ، فالحاكم يقوم مقام وليها ويكون هو وليها ، يزوجها أو يوكل من يزوجها.

فإذا كانت في بلاد ليس فيها حاكم لا قاضٍ ولا ولي ، كالأقليات الإسلامية في بلاد الكفر ، فليزوجها رئيس المركز الإسلامي ، إذا كان عندهم مركز إسلامي ؛ لأنه بمثابة السلطان عندهم ، ورئيس المركز الإسلامي ينظر لها ، ويزوجها بالكفء إذا كان ليس لها أولياء ، وليس هناك قاضٍ.

ذا كان الولي بعيداً : يخاطب ، يكاتب ، حتى يرسل الوكالة .

أما إذا كان لا يعرف محله : فالولي الذي بعده يقوم مقامه، الذي أدنى منه يقوم مقامه .

فإذا كان ما لها ولي سوى الغائب الذي يجهل مكانه ، فالسلطان يقوم مقامه" .

انتهى من "فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز" (20/ 200).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (247217) ورقم (208700) ورقم (272261)

وبناء على ما سبق فإن نكاحك صحيح ، لا ينقض، ولا يلزم إعادته ، من الناحية الشرعية.

ثالثاً:

بالنسبة لمعالجة الأمر مع أهلك، فالذي يظهر لنا أن تتجهي بهذين الاتجاهين:

1.    عدم إعلامهم في المرحلة الأولى، وتحاولين توسيط من تتوقعين تجاوبهم معه، سواء إمام المسجد، أو الوجاهات الدعوية أو الاجتماعية، فإذا ظهر منهم قبول، فأتموا عقدا جديدا، دون إعلامهم بما قد تم.

2.    إذا لم يجاوبوا مع الأمر بعد الوساطات، فوسطي إمام المسجد أو من له وجاهة أن يخبرهم بأن الأمر قد تم، وأنه في إطاره الشرعي، وإن أمكن أن يكون الشيخ الذي أجرى العقد فهو أفضل. فإن رأوا إعادة العقد فعلتم، وإلا فيبقى عقدكم على ما هو عليه، وغالباً أنهم سيعودون للرضى، مع حرصك الشديد على التواصل معهم والإحسان إليهم، وإن بدا منهم جفوة وشدة.

وقبل هذه كله أكثري من التوجه إلى الله بالدعاء أن يلين قلوبهم ويلهمهم الرشد ويديم محبتكم.

 والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب