الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

كتابة القصص الخيالية الهادفة

السؤال

اعترضت على صاحب لي بعد أن كتب قصة من خياله ، وهي قصة يريد بها الفائدة للقارئ، لكن اعتراضي كان من وجهين : الأول : أنه جعل الشخصيات الخيالية تستشهد بآيات على لسانها، حيث أخبرته بأنه ليس صاحب علم شرعي، وأنه لا يعلم إن كان هذا جائز أم لا . الوجه الثاني : أنه قد جعل القصة في مكان وزمان متخيلان ليسا من تاريخ البشر، وكأنه أنشأ عالما غير عالمنا، هذا حيث لا تجد شيء اسمه جزيرة العرب في قصته، وهكذا، وفي نفس الوقت استخدم النصوص من القرآن والسنة قي القصة لكي تكون هادفة. فما حكم استخدام نصوص القرآن والسنة قي قصص الخيال الغير واقعية ؟

ملخص الجواب

يجوز كتابة القصص أو الروايات الخيالية إذا هادفة تدعو إلى الخير والصلاح. وأما استعمال نصوص الكتاب والسنة في هذه القصص ، إن كان على وجه صحيح : فلا يظهر ما يمنع منه . وينظر الجواب المطول 

الحمد لله.

أولا: حكم كتابة الروايات الخيالية

سبق في جواب السؤال رقم : (174829)؛ بيان الأقوال في حكم كتابة الروايات الخيالية، وترجيح الجواز إذا كانت القصة هادفة تدعو إلى الخير والصلاح.

وطالع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (278767).


ثانيا: استعمال آيات أو أحاديث في القصص الخيالية

استعمال نصوص الكتاب والسنة في هذه القصص ، إن كان على وجه صحيح : فلا يظهر ما يمنع منه .

والآيات القرآنية والأحاديث النبوية :

منها ما يكون واضح الدلالة ، لا يحتاج إلى شخص كثير العلم حتى يفهم معناها ، بل يفهمها كل من يقرؤها – في الغالب- كالآيات التي تأمر بالفرائض كالصلاة والزكاة والحج والصيام ، والآيات والأحاديث الآمرة بحسن الخلق ، والناهية عن ضده .... ونحو ذلك .

فلا حرج على الكاتب أن يستدل بها ، لأن معناها واضح ، لا لبس فيه ولا غموض .

وهناك آيات وأحاديث أخرى تحتاج إلى شخص ذي علم ليعرف معناها ، فالواجب البحث عن معناها أو سؤال أهل العلم ، ولا يجوز للجاهل بمعناها أن يستدل بها ، لأنه قد يستدل بها على غير ما تدل عليه .

وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ذكر أن تفسير القرآن الكريم على أربعة أنواع، فقال:

(التفسير إلى أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب في كلامها ، ووجه لا يعذر أحد بجهالته ، وجه يعلمه العلماء ، ووجه لا يعلمه إلا الله ، ومن ادعى علمه فهو كاذب) .

رواه ابن جرير في مقدمة تفسيره (1/70) ، (73) . وذكره ابن كثير في مقدمة تفسيره أيضا (1/14) .

قال الزركشي في "البرهان" (2/164-167) : "وهذا تقسيم صحيح :

فأما الذى تعرفه العرب فهو الذى يُرجع فيه إلى لسانهم ، وذلك شأن اللغة والإعراب ...

فما كان من التفسير راجعا إلى هذا القسم ، فسبيل المفسر التوقف فيه على ما ورد في لسان العرب ، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفهوماتها تفسير شيء من الكتاب العزيز ، ولا يكفى في حقه تعلم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين .

الثاني : ما لا يعذر أحد بجهالته ، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه ، من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ، وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا لا سواه ، يعلم أنه مراد الله تعالى ، فهذا القسم لا يختلف حكمه ، ولا يلتبس تأويله ، إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فاعلم أنه لا إله إلا الله) وأنه لا شريك له في إلهيته ...

ويعلم كل أحد بالضرورة : أن مقتضى قوله تعالى : (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) ونحوها من الأوامر : إيجاب الصلاة والزكاة .

الثالث : ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، فهو ما يجري مجرى الغيوب ، نحو الآي المتضمنة قيام الساعة ونزول الغيث وما في الأرحام وتفسير الروح ...

والرابع : ما يرجع إلى اجتهاد العلماء ، وهو الذى يغلب عليه إطلاق التأويل ، وهو صرف اللفظ إلى ما يؤول إليه ، وذلك استنباط الأحكام ، وبيان المجمل ، وتخصيص العموم ، وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدا فهو الذى لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه" انتهى بتصرف يسير .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب