الحمد لله.
تسمية المولود حق للأب
التسمية من حقوق الأب؛ لأنه ينسب إليه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " التسمية حق للأب لا للأم، هذا مما لا نزاع فيه بين الناس، وأن الأبوين إذا تنازعا في تسمية الولد فهي للأب والأحاديث المتقدمة كلها تدل على هذا.
وهذا كما أنه يدعى لأبيه لا لأمه، فيقال: فلان ابن فلان، قال تعالى ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ )...
والتسمية تعريف النسب والمنسوب، ويتبع في الدين خير أبويه دينا، فالتعريف كالتعليم والعقيقة، وذلك إلى الأب لا إلى الأم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ )" انتهى من"تحفة المودود"(ص197).
إذا اشترطت المرأة أن لها حق تسمية المولود
لكن ان اشترطت المرأة في عقد الزواج أن يكون لها تسمية الأولاد، فوافق الزوج، وتنازل عن حقه، فلها ذلك؛ لأن الأصل في الشروط الصحة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل"(5/142).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله سبحانه به رسوله:
إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه: فهو باطل؛ كائنا ما كان.
والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ولا يناقض كتابه، وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط - فهو لازم بالشرط، ولا يُستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق الصحابة رضي الله عنهم " انتهى من"أعلام الموقعين" (5/379).
ويدخل في هذا الشروط في النكاح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة حتى يقوم دليل على المنع...
سواء في النكاح، أو في البيع، أو في الإجارة، أو في الرهن، أو في الوقف، وحكم الشروط المشروطة في العقود إذا كانت صحيحة أنه يجب الوفاء بها في النكاح وغيره؛ لعموم قوله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فإن الوفاء بالعقد يتضمن الوفاء به وبما تضمنه من شروط وصفات؛ لأنه كله داخل في العقد" انتهى من"الشرح الممتع" (12 /163–164).
وعلى هذا يجوز لك أن تشترطي على زوجك أن يمكنك من تسمية الأولد.
كما يصح أن تشترطي عليه عدم الزواج بثانية، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (228848).
لكن الأفضل هو ترك اشتراط هذا الشرط؛ خاصة إذا رأيت أن في عدم اشتراطه صلاحا للزوج واستقامة له. ولا شك أن ما ذكرت من التخوف أن يلجأ إلى الحرام: هو نظر صحيح ثاقب؛ فما الذي يحوجك إلى مثل ذلك أصلا. بل متى أراد الزوج الزواج، وصمم عليه، فلن يمنعه شرطك؛ غاية ما هنالك أن يكون لك حق الفسخ، أو يبادر هو بتطليقك. فهل هذا هو ما تريدينه؟!
لا تتحجري واسعا يا أمة الله، ولا تضيقي على زوجك، بل ولا على نفسك، وكم ممن اشترط شرطا، لو تركه لكان خيرا له. واسألي الله أن يصلح لك زوجك، وذريتك؛ ومتى كان الرجل مرضي الدين والخلق، فتزوجي، ويسري ما أمكنك التيسير؛ ودعي من نفسك، لاستقامة زوجك، وصلاح أمر بيتك. والله يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
والله أعلم.
تعليق