الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حكم غرقى العبارة المصرية ، والصلاة عليهم

36830

تاريخ النشر : 06-02-2006

المشاهدات : 17711

السؤال

حدث في هذه الأيام غرق العبارة المصرية ، ويتوقع أن يكون عدد الغرقى في الحادث نحو ألف ، فهل هؤلاء يعتبرون شهداء ؟ وكيف نصلي على من لم يوجد منهم ؟.

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن الأمور كلها بيد الله عز وجل يصرفها كيف يشاء ولنا أمام هذا الحدث ما يلي:

أولاً:

قد يختار الله من عباده المؤمنين أصنافا من الناس أفراداً أو جماعات فيبتليهم ليرفع بالابتلاء درجتهم أو يكفر به ذنوبهم ، فالمصائب سبب لتكفير الذنوب ، ورفعة الدرجات ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة ، أو حطّت عنه بها خطيئة ) رواه مسلم (2572) .

ثانياً:

المشروع للمسلم إذا أصابته مصيبة أن يصبر ، ويقول ما أمرنا به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي ، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ) رواه مسلم ( 918) .

ثالثاً :

من مات غريقاً فهو شهيد ، له ثواب الشهداء عند الله تعالى ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) رواه البخاري (2829) ومسلم ( 1914) وفي لفظ عند مسلم ( 1915) : ( والغريق شهيد ) .

قال ابن التين رحمه الله : " هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل اللّه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبَلِّغهم بها مراتب الشهداء " . "فتح الباري" (8/ 438) .

وانظر جواب السؤال رقم (22140) .

رابعاً :

من أنجاه الله تعالى من هذا الحادث وخرج سليماً ، فليحمد ربه تعالى على العافية ، وليحسن فيما بقي من عمره فإن الموت يأتي الإنسان بغتة ، والله تعالى أمهله ونجاه ، ولو شاء لكان الأمر بخلاف ذلك .

خامساً :

من خرج من الغرق ميتاً ، فإنه يجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه . أما من لم يتم العثور عليه منهم ، فهذا يجب أن يصلى عليه صلاة الغائب ؛ لأن صلاة الجنازة فرض كفاية يجب القيام بها . فتصف الصفوف ويتقدم الإمام للصلاة عليه كأن الجنازة حاضرة بين أيديهم .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

" إذا وُجِدَ الغريقُ فإنَّه يغسَّل ويكفَّن، ويصلى عليه كأي ميت آخر، وإذا لم يعثر عليه فيصلى عليه صلاة الغائب عند الشافعية والحنابلة " انتهى .

ولكن الشافعية يشترطون - في المعتمد عندهم - أن يتقدم غسله لتصح الصلاة عليه ، وذهب جماعة من متأخريهم إلى صحة الصلاة عليه إذا تعذر غسله .

وينظر : مغنى المحتاج (2/49) ، أسنى المطالب (1/321) .

وقد روى البخاري (1318) ومسلم (951) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : نَعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا .

قال النووي رحمه الله : " فيه دليل للشافعي وموافقيه في الصلاة على الميت الغائب " انتهى .

وقد سبق تفصيل القول في الصلاة على الغائب في جواب السؤال (35853) .

ونسأل الله تعالى أن يتقبلهم شهداء ، وأن يرزق أهلهم الصبر والسلوان .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب