الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

حكم مباشرة الأجنبية فيما دون الفرج

39770

تاريخ النشر : 26-04-2003

المشاهدات : 264807

السؤال

ما حكم مداعبة امرأة أجنبية دون الفرج ؟ وهل يعتبر زنى ؟ وكذلك الوطء من الدبر هل هو لواط ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا : من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه .

والمتأمِّل في ما في السؤال يعلم أن العادة تمنع أن يصل الإنسان إلى مثل هذا الأمر المستشنع شرعا ، ثمَّ يستطيع بعد ذلك أن يكبح جماح نفسه ويتورَّع بها عن انتهاك هذه الحرمة المغلَّظة وعن الوقوع في تلك الفاحشة العظيمة التي لا يُقارن ما تسبِّبه من سخط وغضب ربَّاني وفساد في الدين والدنيا بما يتوهمه العاصي من تحصيل نزوة عارضة تعقبها حسرات لا تنتهي .

فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور غافر / 19 . وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات .

ويراجع في معرفة الحكم السؤال رقم 27259 .

ثانياً :

أما الوطء في الدبر فإذا كان مع رجل فهو " اللواط " الذي جاء ذمه في الكتاب والسنَّة .

والذي كان من أسباب هلاك أمة من الأمم هي قوم لوط نبي الله .

وأما الوطء للمرأة في دبرها : فإن كانت زوجة له : فإنه لا يحل له ذلك ويسمى هذا " اللوطية الصغرى " فكيف إذا كان وطئاً لامرأةٍ لا تحل له ؟ .

أ. ما جاء في اللوط :

قال ابن حزم :

فِعل قوم لوط من الكبائر الفواحش المحرمة : كلحم الخنزير , والميتة , والدم , والخمر , والزنى , وسائر المعاصي , مَن أحلَّه أو أحلَّ شيئاً مما ذكرنا : فهو كافر , مشركٌ حلال الدم والمال .

" المحلى " ( 12 / 389 ) .

وقال ابن قدامة :

أجمع أهل العلم على تحريم اللواط , وقد ذمه الله تعالى في كتابه , وعاب من فعله , وذمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط , لعن الله من عمل عمل قوم لوط " .

" المغني " ( 9 / 59 ) .

ونقل ابن القيم عن شيخه ابن تيمية وعن غير إجماع الصحابة على قتل من يعمل عمل قوم لوط ، وأنهم إنما اختلفوا في كيفية قتله .

" زاد المعاد " ( 5 / 40 ) . ، ويُراجع في تفاصيل حكمه أيضا السؤال رقم 10050

ب. ما جاء في وطء المرأة في دبرها :

وأما وطء المرأة في دبرها فهو من كبائر الذنوب ، ولعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله.

روى أبو داود (2162) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود . وهذا اللعن لمن أتى امرأته في دبرها فكيف إذا كانت امرأة أجنبية عنه .

وروى الترمذي (135) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

وإذا اتفق الرجل مع امرأته على الوطء في الدبر ولم ينتهيا بعد التعزير فُرِّق بينهما .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن :

رجل ينكح زوجته في دبرها ؟

فأجاب :

وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة , وهو قول جماهير السلف والخلف , بل هو " اللوطية الصغرى " ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله لا يستحي من الحق , لا تأتوا النساء في أدبارهن " ، وقد قال تعالى : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ، والحرث هو موضع الولد , فإن الحرث محل الغرس والزرع ، وكانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها جاء الولد أحول , فأنزل الله هذه الآية , وأباح للرجل أن يأتي امرأته من جميع جهاتها , لكن في الفرج خاصة , ومن وطئها في الدبر وطاوعته , عزرا جميعا , فإن لم ينتهيا وإلا فُرق بينهما , كما يفرق بين الرجل الفاجر ومن يفجر به , والله أعلم .

" الفتاوى الكبرى " ( 3 / 104 ، 105 ) .

أما الوطء للمرأة الأجنبية في دبرها فقد اختلف فيه العلماء هل هو زنى أم لواط ؟

انظر : المبسوط (9/77) . الفواكه الدواني (2/209) . مغنى المحتاج (5/443) الإنصاف (10/177) . الفروع (6/72) .

والذي اختاره الشيخ السعدي رحمه الله أن وطء المرأة الأجنبية في دبرها يعتبر زنى ، فإنه قال : والزنا هو فعل الفاحشة في قبل أو دبر اهـ . منهج السالكين (ص 239) .

نسأل الله أن يسلَّمنا من الفواحش وأن يطهِّر قلوبنا من التفكير والهمِّ بها وأن يرزقنا الثبات على دينه وأمره .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب