الحمد لله.
الذي وفق هذا الشاب للتوبة ، ونسأل الله تعالى له مزيدا من الهداية والثبات .لم تبين في سؤالك ما هي هذه الأسباب الوسواسية التي جعلته ترك الصلاة ، فهل وصل به الأمر إلى الشك – مثلا – في وجود الله تعالى أو في وحدانيته ، أو في صدق النبي صلى الله عليه وسلم ..... ونحو ذلك مما يكون الشك فيه كفرا مخرجا عن الإسلام ، أم كانت الوساوس دون ذلك .
وعلى كل حال ، فالجواب فيه ذلك التفصيل:
أولا :
تارك الصلاة : إن تركها إنكارا لوجوبها فهو كافر بإجماع العلماء .
وإن تركها تكاسلا مع إقراره بوجوبها ، فقد اختلف العلماء في كفره ، والقول المختار عندنا في الموقع أنه كافر ، وقد سبق بيان ذلك في عدة أجوبة .
ينظر السؤال رقم: (5208).
وإذا ملك المسلم نصابا وحال عليه الحول ثم ارتد بعد الحول لم تسقط عنه زكاة ذلك الحول ، لأن الردة حصلت بعد وجوب الزكاة عليه ، أما إن ارتد قبل تمام الحول ، انقطع الحول بذلك ، فإن عاد للإسلام بدأ حولا جديدا من حين توبته وعودته للإسلام .
قال ابن قدامة رحمه الله:
"وَإِنْ ارْتَدَّ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ ، وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ؛ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ الإمام أحمد ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ ، فَعَدَمُهُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ ، كَالْمِلْكِ وَالنِّصَابِ ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْحَوْلِ اسْتَأْنَفَ حَوْلًا ؛ لِمَا ذَكَرْنَا .
فَأَمَّا إنَّ ارْتَدَّ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْهُ . وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ" انتهى من "المغني" (4/275).
ثانيا:
إذا ترك المسلم الصلاة وكان يقلد العلماء الذين قالوا بعدم كفر تارك الصلاة ، أو كان ذلك هو القول السائد عند أهل بلده، المعروف عن أهل العلم فيهم ؛ فإنه لا يحكم بكفره ، وتبقى أحكام الإسلام جارية عليه.
سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : هل يعذر الجاهل بما يترتب على المخالفة؟ كمن يجهل أن ترك الصلاة كفر؟
فأجاب:
" الجاهل بما يترتب على المخالفة غير معذور إذا كان عالمًا بأن فعله مخالف للشرع كما تقدم دليله ، وبناء على ذلك فإن تارك الصلاة لا يخفى عليه أنه واقع في المخالفة إذا كان ناشئًا بين المسلمين فيكون كافرًا وإن جهل أن الترك كفر .
نعم ، إذا كان ناشئًا في بلاد لا يرون كفر تارك الصلاة وكان هذا الرأي هو الرأي المشهور السائد بينهم ، فإنه لا يكفر ، لتقليده لأهل العلم في بلده ، كما لا يأثم بفعل محرم يرى علماء بلده أنه غير محرم لأن فرض العامي التقليد لقوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) . والله الموفق" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/138).
وهذا هو الغالب على كثير من الناس ، يتركون الصلاة تهاونا ، ويرون أنهم لا يزالون مسلمين ، وذلك لما يسمعونه من فتاوى أن تارك الصلاة فاسق وليس كافرا ، وفي هذه الحالة يستمر وجوب الزكاة عليهم ، فيلزمه إخراج الزكاة كل سنة .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم: (285977).
ثالثا:
إذا نسي المسلم الشهر الذي بلغ فيه ماله النصاب ، فإنه يتحرى في ذلك ، ويعمل بما غلب على ظنه ، فإن غلبة الظن تقوم مقام اليقين عند تعذره .
قال الشيخ ابن عثيمين في منظومته في قواعد الفقه وأصوله:
وإن تعذر اليقين فارجعا * لغالب الظن تكن متبعاً
والمعنى : أن المسلم إذا لم يمكنه العمل باليقين ؛ فإنه يعمل بغلبة الظن .
وعلى هذا ؛ فإنك تجتهد في تحري الشهر الذي بلغ فيه المال النصاب وتعمل بذلك ، وينبغي أن تأخذ بالأحوط والأبرأ للذمة ، فإن حصل التردد – مثلا – بين شهري رمضان وشوال ، جعلته رمضان ، لأنه أحوط ... وهكذا.
والله أعلم.
تعليق