الثلاثاء 23 صفر 1446 - 27 اغسطس 2024
العربية

اتفق مع المشتري على ربح محدد في القطعة، ولكنه يجعل أخاه يشتري السلعة ثم يشتريها منه.

406786

تاريخ النشر : 02-04-2023

المشاهدات : 1085

السؤال

أخي في تركيا، يعمل في التجارة بين تركيا وبلد عربي، اتفق مع المشتري الذي في البلد العربي على أن يضع عمولة 2 دولار على كل قطعة لباس يشحنها له أخي، ولكي أستفيد أنا أيضا، قال لي أخي: اشتر البضاعة أنت بِحُرّ مالك، وضع ربحك عليها، ثم بعد ذلك أشتريها منك أنا، وأضع هامش ربحي، وهو: دولاران، ثم أصدرها للرجل، مع العلم أن أخي بإمكانه أن يشتريها مباشرة من المصدر دون واسطتي، ولكن هدفه أن أنتفع أنا أيضا، وفي نفس الوقت أن لا يخل بشرط المشتري، وهو: أن يضع لنفسه دولارين عمولة فقط، فهل هذا يعتبر من التجارة الجائزة؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب على التاجر أن يكون صادقا في تجارته حتى يبارك الله له فيها .

روى البخاري (2079)، ومسلم (1532) عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).

وهذا الاتفاق الذي جرى بين أخيك والمشتري لا يخرج عن أحد احتمالين:

الأول:

أن يكون أخوك وكيلا للمشتري في شراء الملابس، ويأخذ أجرة مقابل هذه الوكالة، وهي دولاران مقابل كل قطعة .

وهذا هو الأظهر في تكييف هذه المعاملة.

والوكيل يجب عليه أن يعمل لمصلحة موكله ، فإذا أمكنه أن يشتري القطعة بمائة –مثلا- فلا يجوز له أن يجعلك تشتريها أنت ثم يشتريها منك بمائة وعشرين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"فَإِنَّ وَصِيَّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ وَوَكِيلَ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ؛ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ بِالْأَصْلَحِ فَالْأَصْلَحِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ . وَلَمْ يَقُلْ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ حَسَنَةٌ... ثُمَّ الْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ متى اسْتَنَابَ فِي أُمُورِهِ رَجُلًا، وَتَرَكَ مَنْ هُوَ أَصْلَحَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْعَقَارِ مِنْهُ، وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِخَيْرِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ؛ فَقَدْ خَانَ صَاحِبَهُ ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَنْ حَابَاهُ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُبْغِضُهُ وَيَذُمُّهُ، وَيَرَى أَنَّهُ قَدْ خَانَهُ وَدَاهَنَ قَرِيبَهُ أَوْ صَدِيقَهُ" انتهى ، "مجموع الفتاوى" (28/252) .

وكلام شيخ الإسلام رحمه الله ينطبق تماما على مسألتك ، فإن أخاك يريد أن يحابيك على حساب المشتري ، ولا شك أن المشتري لو علم بذلك لما رضي به ، واتهم أخاك بالخيانة .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"يجب على ولي اليتيم المتولي لماله أن لا يتصرف إلا بالتي هي أحسن، ومن هنا نأخذ قاعدة ، وهي أن كل ولي على أي شيء يجب عليه أن لا يتصرف إلا بما هو أحسن.

الإنسان لو تصرف بشيء لنفسه فهو حر، لكن إذا تصرف بشيء لغيره وجب أن يتبع الأحسن" انتهى، "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (7/302) .

ومثل ذلك في الحكم : لو قدرنا أن أخاك هو مجرد سمسار، لإتمام العلمية بين البائع، والمشتري، ويأخذ عمولته على كل قطع يتم بيعها من الطرفين . ولا يختلف الحكم بهذا الاعتبار، فالسمسار وكيل أيضا عن المشتري، يلزمه أن يؤدي الأمانة فيما اؤتمن عليه، وأن ينصح له، ويدله على حقيقة الحال.

الاحتمال الثاني:

أن يكون أخوك بائعا وليس وكيلا، وحدد ربحه بدولارين على القطعة.

والبيع بهذه الطريقة لا يجوز، ولا يصح، لأن الثمن مجهول للمشتري، وبعض العلماء أجازه، ويكون الثمن هو ثمن المثل.

قال المرداوي رحمه الله في بيان شروط صحة البيع :

"الشرط السابعُ، أَنْ يكونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا. يُشْتَرطُ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ حالَ العَقْدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ ابن تيمية صحَّةَ البَيْعِ، وإنْ لم يُسَمَّ الثَّمَنُ، وله ثَمَنُ المِثْلِ كالنِّكاحِ" انتهى من "الإنصاف" (11/132).

فعلى القول بصحة البيع بهذه الطريقة ، يجب على البائع أن يكون صادقا أمينا ، لأن هذا البيع صورة من بيوع الأمانة، أو التولية ؛ فلا يجوز له أن يحتال تلك الحيلة التي ذكرتها ، لأن في هذا خداعا للمشتري ، فيكون ما أخذته أنت من ربح لا يحل لك ، ومن أكل المال بالباطل .

وقد سبق بيان الكلام في بيع "التولية" ، وتحريم الزيادة على ثمن السلعة الذي اشتراها به. انظر جواب السؤال رقم:(95464). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة