الاثنين 3 جمادى الأولى 1446 - 4 نوفمبر 2024
العربية

إمامهم ألثغ ، وبعض المأمومين يخفي أنه أقرأ

السؤال

إمامنا يبدل بعض الحروف ببعض ، وفينا من يحسن القراءة ويحفظ جزءاً كبيراً من القرآن.
فما حكم إمامة الموصوف ؟ وما حكم المأموم الأحسن حفظا وقراءة عند عدم الإفصاح عن إجادته وحفظه للقرآن ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

سبق في جواب السؤال (50536) أن العلماء اختلفوا في حكم إمامة الألثغ ( وهو من يبدل بعض الحروف ببعض ) ، وأن الصحيح صحة إمامته ، لكن الأولى أن يقدم من يقرأ قراءة صحيحة .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :

إذا صَلَّى أُمِّيٌّ لا يَعرفُ الفاتحةَ بأُمِّيٍّ مثله ( والمراد بالأمي هنا من لا يحسن قراءة الفاتحة ) : فصلاتُه صحيحةٌ لمساواتِه له في النَّقْصِ ، ولو صَلَّى أُمِّيٌّ بقارئ ( والمراد بالقارئ من يحسن قراءة الفاتحة ) : فإنَّه لا يَصحُّ ، وهذا هو المذهبُ .

وتعليل ذلك : أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ ، فكيف يأتمُّ الأعلى بالأدنى .

والقول الثاني - وهو رواية عن أحمد - : أنه يَصحُّ أن يكون الأُمِّيُّ إماماً للقارئ ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها ؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن المخالفةِ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ ) ومراعاةً للخِلافِ .

" وإن قدر على إصلاحه لم تصح صلاته "

أي : إنْ قَدِرَ الأُمِّيُّ على إصلاح اللَّحنِ الذي يُحيلُ المعنى ولم يُصلِحْهُ : فإنَّ صلاتَه لا تَصِحُّ ، وإن لم يَقْدِرْ : فصلاتُه صحيحةٌ دون إمامتِه إلا بمثلِه .

ولكن الصحيحُ : أنَّها تصحُّ إمامتُه في هذه الحالِ ؛ لأنَّه معذورٌ لعجزِه عن إقامةِ الفاتحةِ ، وقد قال الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقال : ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) ، ويوجد في بعضِ الباديةِ مَن لا يستطيعُ أنْ ينطِقَ بالفاتحة على وَجْهٍ صحيحٍ ، فرُبَّما تسمعُه يقرأ " أَهدنا " ولا يمكن أنْ يقرأَ إلا ما كان قد اعتادَه ، والعاجزُ عن إصلاح اللَّحنِ : صلاتُه صحيحةٌ ، وأما مَن كان قادراً : فصلاتُه غيرُ صحيحةٍ ، إذا كان يُحيلُ المعنى .

" الشرح الممتع " ( 4 / 248 ، 249 ) .

ولا ينبغي تقديم من لا يحسن القراءة ولو كان حافظاً ، بل الذي يقدَّم في الإمامة هو من يحسن القراءة وذلك بإخراج الحروف من مخارجها ، ويكون مع ذلك على علم بفقه أحكام الصلاة .

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :

قوله : " الأولى بالإِمامة الأقرأ العالم فقه صلاته " هل المرادُ بالأقرأ الأجودُ قِراءة ً، وهو الذي تكون قراءتُه تامَّةً ، يُخرِجُ الحروفَ مِن مخارِجِها ، ويأتي بها على أكملِ وجهٍ ، أو المرادُ بالأقرأ الأكثرُ قراءةً ؟

الجواب : المراد : الأجودُ قِراءةً ، أي : الذي يقرؤه قراءةً مجوَّدةً ، وليس المراد التجويد الذي يُعرف الآن بما فيه مِن الغنَّةِ والمدَّاتِ ونحوها ، فليس بشرطٍ أن يتغنَّى بالقرآن ، وأن يحسِّنَ به صوتَه ، وإن كان الأحسنُ صوتاً أَولى ، لكنه ليس بشرط .

وقوله : " العالم فقه صلاته " أي : الذي يعلم فِقْهَ الصَّلاةِ ، بحيث لو طرأَ عليه عارضٌ في صلاتِهِ مِن سهوٍ أو غيرِه تمكَّنَ مِن تطبيقِهِ على الأحكامِ الشرعيَّةِ . . .

وهذا في ابتداء الإمامة ، أي : لو حَضَرَ جماعةٌ ، وأرادوا أن يقدِّموا أحدَهم ، أما إذا كان للمسجدِ إمامٌ راتبٌ فهو أَولى بكلِّ حالٍ ما دام لا يوجدُ فيه مانعٌ يمنعُ إمامتَه .

" الشرح الممتع " ( 4 / 205 ، 206 ) باختصار .

ثانيا :

لا ينبغي لمن يحسن القراءة أن يخفي نفسه ، ويقدم من لا يحسن القراءة ، فإن في ذلك مخالفة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ . . . الحديث ) رواه مسلم (673) .

قَوْلُهُ : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ ) قَالَ الطِّيبِيُّ : بِمَعْنَى الأَمْرِ ، أَيْ : لِيَؤُمَّهُمْ .

وقال الحافظ في " الفتح" :

وَلا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيم الأَقْرَأ إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ يَكُون عَارِفًا بِمَا يَتَعَيَّن مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَحْوَال الصَّلاة , فَأَمَّا إِذَا كَانَ جَاهِلا بِذَلِكَ فَلا يُقَدَّمُ اِتِّفَاقًا . انتهى .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة