الحمد لله.
إذا نذر الإنسان أن يذبح كل عام فديةً عن ابنه، فهذا نذر طاعة يلزم الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ رواه البخاري (6202).
وإذا عَين الناذر مكان الذبح، بلفظه، أو بنيته: لزمه ما عينه.
فلو كانت نيتك أن الذبح في بلدك، لزمك ذلك.
وإذا لم تحددي مكان الذبح، لا باللفظ ولا بالنية: جاز أن تذبحي في أي مكان.
ويرجع إلى نيتك ولفظك- أيضا- في تحديد ما يذبح، من بقر أو ضأن أو ماعز.
قال القرافي: " والمعتبر في النذور: النية " انتهى من "الذخيرة" (3/ 75).
وقال ابن قدامة رحمه الله في "الكافي" (1/ 541): "وإن عين الذبح بمكان غيره [أي غير الحرم] في نذره: لزمه ذلك، ما لم يكن فيه معصية، لما رُوي أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحر ببوانة. قال: هل بها صنم ؟ قال: لا. قال: (أوف بنذرك) . رواه أبو داود" انتهى.
وقال في "المغني" (10/ 19): "وإن نذر أن يهدي إلى غير مكة، كالمدينة، أو الثغور، أو يذبح بها ، لزمه الذبح ، وإيصال ما أهداه إلى ذلك المكان ، وتفرقة الهدي ولحم الذبيحة على أهله ، إلا أن يكون بذلك المكان ما لا يجوز النذر له ، ككنيسة ، أو صنم، أو نحوه، مما يعظمه الكفار أو غيرهم، مما لا يجوز تعظيمه، كشجرة، أو قبر، أو حجر، أو عين ماء، ونحو ذلك؛ لما روى أبو داود، قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هل كان بها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟) قالوا: لا. قال: (هل كان فيها عيد من أعيادهم؟) . قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أوف بنذرك) .
ولأنه ضَمَّن نذره نفع فقراء ذلك البلد، بإيصال اللحم إليهم، وهذه قربة. فتلزمه، كما لو نذر التصدق عليهم.
فإن كان بها شيء مما ذكرنا، لم يجز النذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان بها وثن، أو عيد من أعياد الجاهلية؟ .
وهذا يدل على أنه لو كان بها ذلك، لمنعه من الوفاء بنذره، ولأن في هذا تعظيما لغير ما عظم الله، يشبه تعظيم الكفار للأصنام، فحرم، كتعظيم الأصنام، ولذلك لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتخذات على القبور المساجد والسرج، وقال: لعن الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . يحذر مثلما صنعوا.
وعلى هذا: نذر الشمع والزيت ، وأشباهه، للأماكن التي فيها القبور؛ لا يصح" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/ 318): " الأصل إذا عين الإنسان لنذره مكانا معينا ، بأن نذر صدقة أو بناء مسجد في مكان معين : لزم الوفاء بالنذر ، في المكان والجهة المعينة ، ما لم يمنع من ذلك مانع شرعي .
إلا أن ينقله إلى مكان أفضل منه ، مثل الحرمين الشريفين ، فلا بأس بذلك .
ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قال: لا . قال : هل فيها عيد من أعيادهم ؟ قال : لا . قال : فأوف بنذرك .
فأمره بالوفاء بنذره في المكان الذي عينه ، لما خلا من الموانع.
ويدل على نقل النذر من المكان المفضول إلى المكان الأفضل ، قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي نذر أن يصلي ببيت المقدس : ( صل هاهنا ) ، ثم أعاد عليه فقال : ( صل هاهنا ) ، ثم أعاد عليه فقال : ( شأنك إذا ) رواه أبو داوود وأحمد" انتهى.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (182630)
والله أعلم.
تعليق