الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

نذر أن يذبح عجلا بعد شفائه ، فارتفع ثمن العجل جدا ، فماذا يفعل ؟

182630

تاريخ النشر : 16-09-2012

المشاهدات : 29032

السؤال


أصبت في حادث سيارة ، وكان حادثا أليما ، وأثناء فتره علاجي كنت واثقا أن لله عز وجل سوف يشفيني ، ولكنني قلت : إن شاء الله عندما أنتهي من العلاج سوف أذبح عجلا بمبلغ 5000جنيه مصري ، ولم أعلق النذر علي شرط الشفاء ، وعندما إكتمل شفائي كانت الأسعار قد ارتفعت .


وأنا أمام الإختيارات الآتية :


1- أذبح أي شئ آخر في حدود 5000جنيه . 2- أذبح أنثي البقر ، وليس عجلا ذكرا ، وسعرها سيكون أكثر من 5000جنيه ، وأقل من سعر الذكر 3- أذبح عجلا ذكرا علما بأن سعره حوالي 13000 جنيه .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
نذر الطاعة واجب الوفاء ؛ لما رواه البخاري (6696) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ ).

ثانيا :
متى حصل مقصود الناذر وجب عليه الوفاء بنذره فوراً من غير تأخير.
ولا يجوز تأخير الوفاء بالنذر مع القدرة على الأداء ، فإن عجز عن الوفاء به فعله متى استطاع إلى ذلك سبيلا . وينظر جواب السؤال رقم (175643) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا كان مقروناً بشرط فهو على الفور، من حين يوجد الشرط يجب الوفاء به ، وإذا كان مطلقاً ففيه خلاف ، والصحيح وجوب الوفاء به فوراً " انتهى من "الشرح الممتع" (15 /220) .

ثالثا :
تعليقك النذر بالمشيئة : إن كان مقصودك التعليق على مشيئة الله فلا شيء عليك ، وإن كان مقصودك التحقيق وإنما ذكرت المشيئة للتبرك أو التوثيق لزمك الوفاء بالنذر ، وهذا الثاني هو الظاهر من حالك .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لو علق النذر بالمشيئة فقال : لله علي نذر أن أفعل كذا إن شاء الله ، ففي النذر الذي حكمه حكم اليمين ليس عليه حنث ، وإذا كان فعلَ طاعة نظرنا : إذا كان قصده التعليق فلا شيء عليه ، وإذا كان قصده التحقيق أو التبرك وجب عليه أن يفعل ، حسب نيته " . انتهى من "الشرح الممتع" (15 /221) .
رابعا :
يبدو من قولك في النذر : " عندما انتهي من العلاج سوف اذبح عجلا بمبلغ 5000 جنيه مصري " أنك قصدت عجلا بهذا الثمن ؛ لأن العجول تتفاوت أثمانها ، فمنها الكبير ومنها الصغير ، فيكون قصدك بما قلت تحديد ثمن العجل محل النذر ، فلما ارتفع ثمنه انصرف نذرك إلى ما انعقد عليه أصلا ، وهو عجل لا يتعدى هذا الثمن أو نحوه .
وحيث إن ثمن العجل قد ارتفع ارتفاعا كبيرا لم يخطر ببالك وقت النذر ، فإنه لا يلزمك إلا عجل بالثمن الذي حددته وقت النذر ، فإذا لم يوجد فإنه يكفيك ذبح ما يقوم مقامه بنحو هذا المبلغ .
فإن كنت ميسور الحال وأمكنك ذبح العجل وإن غلا ثمنه فهذا أفضل الأحوال .

وإن لم تقدر عليه فلك ذبح بهيمة من بهيمة الأنعام بما يقدر ثمنها بخمسة آلاف جنيه .
وقد جاء في "حاشية الصاوي" (2/254) :
" وإن نذر شيئا ولم يقدر عليه سقط ما عجز عنه وأتى بمقدوره " انتهى .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
تزوجت من قبل سبعة عشر عاماً، وبقيت ثلاث سنوات بدون طفل، بعدها رزقت ببنت توفيت في الولادة ، فنذرت لوجه الله - تعالى - أن أذبح خروفاً كل سنة إذا رزقني ربي بالأولاد، وكان سعر الخروف في ذلك الوقت لا يزيد على خمسة دنانير، أما الآن فسعر الخروف يزيد على مائة دينار، إني الآن أشعر بالذنب وحائرة ماذا أعمل، حيث إنني لم أذبح ولا خروفاً واحداً حتى الآن بسبب حالتي المعيشية ؟
فأجاب :
" يقول الله عز وجل : ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ) . فما دمت لا تستطيعين فليس عليك شيء، بل تكون هذه الذبائح في ذمتك ديناً ، فمتى استطعت ذبحت ما تيسر منها قربة إلى الله عز وجل ووزعتيه بين الفقراء، إذا كان قصدك إطعامه الفقراء ، أو كان لا نية لك فإن هذه الذبيحة توزع بين الفقراء ، متى تيسر لك ذلك ، وما دمت عاجزة ، فالله جل وعلا لا يكلفك ما لا تستطيعين ، يقول الله سبحانه: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وإذا كان دين المخلوقين يؤجل لأجل العسر، فدين الله أولى ؛ لأنه سبحانه وتعالى أسمح وأقرب إلى العفو من المخلوق ، فلا حرج عليك حتى تستطيعي، فإذا استطعت فاذبحي ما تيسر حسب الطاقة " انتهى من موقع الشيخ .
 

فإن أمكنك التوسط بذبح بقرة يزيد ثمنها على الخمسة آلاف جنيه فهو حسن ، إن شاء الله .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب