الحمد لله.
أولًا :
نسأل الله أن ييسر أمرك، ويسر قلبك بما فيه صلاح حالك وحال زوجك.
ولا يخفاك أنه لا يجوز للمسلمة أن تقبل زوجا تاركا للصلاة ، فإن العلماء متفقون على أنه فاسق فسقا كبيرا ، مستحق للنكال الشديد في الدنيا ، الذي يردعه وأمثاله عن هذا الذنب العظيم .
وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى أنه كافر كفرا أكبر ، خارج عن الإسلام بتركه الصلاة .
فكيف ترضى المسلمة أن تتزوج من هذا حاله؟
وليس هناك عذر يبيح للمرأة المسلمة أن تفعل ذلك ، فإن الدنيا دار ابتلاء واختبار ، والله تعالى يبتلي عباده بما شاء ، كالمرض ، والفقر ، وضيق الرزق ، وتأخر الزواج ... وغير ذلك من أنواع الابتلاء الكثيرة التي لا يحصيها إلا الله .
فعلى المسلم أن يصبر إذا ابتلي ، وأن يجتهد في طاعة الله ، وليعلم أن الله تعالى لن يقضي له إلا الخير ، إن هو أحسن التعامل مع الابتلاء .يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا
لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ
رواه مسلم (2999) .
ولا يجوز للمؤمن أن يجعل الابتلاء سببا لارتكاب الحرام ، والإقدام على ما لا يجوز له فعله .
ومع ذلك كله؛ فلا نقول لك : إن زواجك منه باطل ، ولا أنك (زانية) كما ذكرت ، لأن كثيرا من العلماء لا يكفرون تارك الصلاة ، ويكتفون بالحكم عليه بالفسق ، وهذا القول هو المشهور في أكثر البلاد الإسلامية ، كما أنه أيضا قول أكثر الفقهاء. فلعل زوجك ممن يأخذون بهذا القول .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : هل يعذر الجاهل بما يترتب على المخالفة؟ كمن يجهل أن ترك الصلاة كفر؟
فأجاب :
" الجاهل بما يترتب على المخالفة غير معذور، إذا كان عالمًا بأن فعله مخالف للشرع كما تقدم دليله ، وبناء على ذلك فإن تارك الصلاة لا يخفى عليه أنه واقع في المخالفة إذا كان ناشئًا بين المسلمين فيكون كافرًا وإن جهل أن الترك كفر .
نعم ، إذا كان ناشئًا في بلاد لا يرون كفر تارك الصلاة ، وكان هذا الرأي هو الرأي المشهور السائد بينهم ، فإنه لا يكفر ، لتقليده لأهل العلم في بلده ، كما لا يأثم بفعل محرم يرى علماء بلده أنه غير محرم ، لأن فرض العامي التقليد ، لقوله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) . والله الموفق" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/138) .
وينظر جواب السؤال (285977 )
ثانيا :
ذكرت عن زوجك بعض الأمور الجيدة ، وأنه يعدك بأنه سيصلي ، وأن معظم أهله يصلون ، وهذا يجعل هدايته – إن شاء الله – أمرا قريبا .
فالذي ننصحك به ، أن تستمري في نصحه بالصلاة ، باللين والرفق ، وأن تتحيني الفرصة المناسبة لذلك .
وقد يكون من الأحسن أن تستعيني ببعض أهله ممن يحترمهم ويقبل قولهم ، يصطحبونه إلى الصلاة ، أو يصلون معه في البيت إذا ذهب لزيارتهم ، أو جاءوا هم لزيارته .
واطلبي منه أن يتوضأ وأن يصلي معك ، وانصحيه بأن عزمه على الصلاة في المستقبل لا ينفعه ، لأنه لا عذر له في تركها الآن ، والأعمار مكتوبة مقدرة عند الله ، لا يزاد فيها ولا ينقص ، فمن الذي يدري أنه سيمد له في العمر سنوات حتى يصلي ، فقد يأتيه الأجل بغتة ، في أي لحظة من اللحظات ، فيلقى الله تعالى وهو عليه غضبان ، إذ ترك أهم عبادة فرضها الله تعالى على عباده ، التي لا صلاح للعبد ولا نجاة له إلا بها ، فهي أساس الأعمال ومقياسها ، فمن ضيع الصلاة فقد أضاع كل عمله .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ؟ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ رواه الترمذي (413)، وأبو داود (864)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله رواه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (376).
واصبري على زوجك واجتهدي في دعوته إلى الصلاة ، وأكثري من الدعاء له بالهداية ، فلعلك تصادفين ساعة إجابة من الله ، فيصلح الله تعالى حاله بسبب دعائك .
فكم من شخص كان بعيدا عن الله ثم هداه الله تعالى بسبب دعاء المؤمنين له .
فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالهداية وأن ينصر الله به الإسلام ، فاستجاب الله دعاءه .
ودعا لأم أبي هريرة بالإسلام ، فأسلمت .
بل دعا لقبيلة ثقيف بأجمعها ، فهداهم الله تعالى وجاءوا مسلمين .
فاجتهدي في الدعاء لزوجك أن يهديه الله وأن يجعله من المتقين .
وأما الإنجاب فلا ننصح بتأخيره ، بل اتركي الأمر لله ، يفعل ما يشاء ، فقد يكون تأخيره سببا لإفساد العلاقة بينك وبين زوجك .
نسأل الله تعالى أن يصلح لك زوجك وأن يلهمه رشده .
والله أعلم .
تعليق