الحمد لله.
أولا:
يجب على الأب أن يزوِّج أولاده إذا احتاجوا للزواج وكانوا فقراء تحت نفقته لا يقدرون على التكسب فذلك داخل في النفقة الواجبة، قال ابن قدامة رحمه الله : " قال أصحابنا : وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته ، وكان محتاجا إلى إعفافه ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي " انتهى من "المغني" (8/172) .
ولكن لا يظهر من حالك أنك فقير أو غير قادر على التكسب بل لك راتب ولله الحمد يكفيك وتدخر منه بل وتصرف منه على أبيك وأهلك حتى بعد الزواج فاحمد الله على هذا الخير، ولو صبرت قليلا وادخرت لأمكنك الزواج دون أي مساعدة من أبيك.
ثانيا:
يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج إلى ذلك، بشرط ألا يضرَّ به، وألا يأخذ منه ليُعطي أحدا من إخوته.
والاصل في ذلك ما روى أحمد (6678) " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن والدي يجْتَاحُ مالي قال: أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا " .
وينظر جواب السؤال رقم : (4282) و (13662) و (316289) .
وعلى كل حال: ينبغي لك أن تطيب قلب والدك وتبين له بحسن القول والأسلوب الأمثل بأنك لا تملك هذا المبلغ حاليا وأنك لن تقصر معه إذا تيسر لك، وأن تعطيه مما عندك بقدر استطاعتك ولو مقسطا دون أن تشق على نفسك أو تقصر في نفقة عيالك، خاصة وأنه لا يطلب مالا جديدا وإنما المال الذي دفعه إليك عند زواجك؛ لأنه يرى أن حاجة أخيك إليه أكثر، وهذا من حسن البر والصلة التي وتؤجر عليها إن شاء الله، مع ما يُرجى لك من العوض والخلف في الدنيا من الله تعالى.
وأما دعاء أبيك عليك إن كان بغير وجه حقٍّ فلا يضرّك إن شاء الله، وعليك أن تسترضيه بجميل القول وحُسن الخطاب وجزيل العطاء، وصحبته بالمعروف، كما قال الله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا.
وانظر جواب السؤال رقم : (437550) .
ثالثا :
ينبغي أن تعلم أن الله تعالى أنعم عليك بالعلم وبأسباب للرزق لم ييسرها لأحد من إخوتك ، فينبغي أن تشكر تلك النعمة ، حتى يزيدك الله نعما ، ولا يسلبك إياها، ومن شكرها : أن تبر والدك ، وتصل إخوتك ، فتعطيهم شيئا من المال إذا كانوا في حاجة إليه ، ولم يكن عليك ضرر في ذلك ، واحرص على طاعة أبيك وعدم إغضابه ، فإن الدنيا فانية ، وسيفنى كل من فيها ، ولا يبقى للإنسان إلا عمله الصالح الذي قدمه .
فاحذر أن تكون الدنيا سببا لقطيعة الرحم ، وعقوق الوالدين ، وتفريق الأسرة .
ومن كرم الأخلاق ، وحسن البر أن تعطي والدك المال حتى ولو كنت في حاجة إليه – مع أن ذلك لا يجب عليك شرعا- لكن الوجوب شيء ، والكرم والجود وحسن الخلق وحسن مكافأة الأب على ما فعله تجاهك سنوات طويلة من حياتك شيء آخر ، ويقينا سيخلف الله عليك .
والله أعلم
تعليق