الأربعاء 11 محرّم 1446 - 17 يوليو 2024
العربية

طلب الأب من مال ابنه المتزوج من أجل زواج أخيه

478256

تاريخ النشر : 05-10-2023

المشاهدات : 1639

السؤال

أنا طالب متزوج، وعندي طفل، أدرس الدكتوراة في دولة أخرى، وقد تحصلت على منحة مالية لاستكمال دراستي للدكتوراة، من منحتي المالية اعطي والدي شهريا مبلغا من المال علما انه موظف متقاعد ويستلم راتبه، ادخرت من منحتي المالية، وتدينت مبلغا كبيرا من المال كتكاليف زواجي ونصف المهر، وتزوجت، وساعدني أبي بنصف قيمة المهر، علما أنني أرسلت له أضعاف المبلغ الذي ساعدني به، لدي أخوان أكبر مني، فالوالد هو من دفع كافة تكاليف الزواج، وبنى لكل واحد منهم بيتا، الآن يطلب مني أن أدفع له ما دفعه لي في المهر؛ ليزوج به أخي، علما أن أخي موظف، ويستلم راتبا، وانا لا أملك هذا المبلغ، ولكي أدفعه يجب علي أن أدخر من منحتي المالية على الأقل مدة ثلاثة أشهر، وفيه ضرر علي؛ لأنني سوف أتخرج قريبا، ولا أمتلك بيتا، ولا وظيفة، وعندي طفل بعمر السنة، مصروفاته كثيرة، علما إنه لم يطلب من إخواني أية مبلغ كالذي طلبه مني، لكي أكسب رضاه عرضت أن أدفع ربع المبلغ الذي طلبه مني، فلم يوافق على ذلك، والدي يقول: إنه هو الذي صرف على تدريسي في مرحلة البكالوريوس، ويجب أن أدفع له مقابل ذلك، وفي بعض الأحيان يطلب مني مالا لأحد إخواني مثلا لضرورة ما، وأنا أرسل له، وهو لا يعطيها لذلك الأخ، وعندما أسأله يجيب أنه أعطاها له، وهو لم يفعل، فقلت له: لا أملك هذا المال، فلم يقتنع، بحجة أنني استطعت دفع تكاليف زواجي ونصف مهري، والآن رفضت إعطائه المال، والآن يدعو علي ويسب زوجتي، علما أنني مطيع له، ولا أعقه أبدا، وعند مرضه أو مرض أحد إخواني أرسل لهم بكل تكاليف العلاج والذهاب للدكتور، فما العمل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجب على الأب أن يزوِّج أولاده إذا احتاجوا للزواج وكانوا فقراء تحت نفقته لا يقدرون على التكسب فذلك داخل في النفقة الواجبة، قال ابن قدامة رحمه الله : " قال أصحابنا : وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته ، وكان محتاجا إلى إعفافه ، وهو قول بعض أصحاب الشافعي " انتهى من "المغني" (8/172) .

ولكن لا يظهر من حالك أنك فقير أو غير قادر على التكسب بل لك راتب ولله الحمد يكفيك وتدخر منه بل وتصرف منه على أبيك وأهلك حتى بعد الزواج فاحمد الله على هذا الخير، ولو صبرت قليلا وادخرت لأمكنك الزواج دون أي مساعدة من أبيك.

ثانيا:

يجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده إذا احتاج إلى ذلك، بشرط ألا يضرَّ به، وألا يأخذ منه ليُعطي أحدا من إخوته.

والاصل في ذلك ما روى أحمد (6678) " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن والدي يجْتَاحُ مالي قال:  أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا  " .

وينظر جواب السؤال رقم : (4282) و (13662) و (316289) .

وعلى كل حال: ينبغي لك أن تطيب قلب والدك وتبين له بحسن القول والأسلوب الأمثل بأنك لا تملك هذا المبلغ حاليا وأنك لن تقصر معه إذا تيسر لك، وأن تعطيه مما عندك بقدر استطاعتك ولو مقسطا دون أن تشق على نفسك أو تقصر في نفقة عيالك، خاصة وأنه لا يطلب مالا جديدا وإنما المال الذي دفعه إليك عند زواجك؛ لأنه يرى أن حاجة أخيك إليه أكثر، وهذا من حسن البر والصلة التي وتؤجر عليها إن شاء الله، مع ما يُرجى لك من العوض والخلف في الدنيا من الله تعالى.

وأما دعاء أبيك عليك إن كان بغير وجه حقٍّ فلا يضرّك إن شاء الله، وعليك أن تسترضيه بجميل القول وحُسن الخطاب وجزيل العطاء، وصحبته بالمعروف، كما قال الله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْرُوفًا.

وانظر جواب السؤال رقم : (437550) .

ثالثا :

ينبغي أن تعلم أن الله تعالى أنعم عليك بالعلم وبأسباب للرزق لم ييسرها لأحد من إخوتك ، فينبغي أن تشكر تلك النعمة ، حتى يزيدك الله نعما ، ولا يسلبك إياها، ومن شكرها : أن تبر والدك ، وتصل إخوتك ، فتعطيهم شيئا من المال إذا كانوا في حاجة إليه ، ولم يكن عليك ضرر في ذلك ، واحرص على طاعة أبيك وعدم إغضابه ، فإن الدنيا فانية ، وسيفنى كل من فيها ، ولا يبقى للإنسان إلا عمله الصالح الذي قدمه .

فاحذر أن تكون الدنيا سببا لقطيعة الرحم ، وعقوق الوالدين ، وتفريق الأسرة .

ومن كرم الأخلاق ، وحسن البر أن تعطي والدك المال حتى ولو كنت في حاجة إليه – مع أن ذلك لا يجب عليك شرعا- لكن الوجوب شيء ، والكرم والجود وحسن الخلق وحسن مكافأة الأب على ما فعله تجاهك سنوات طويلة من حياتك شيء آخر ، ويقينا سيخلف الله عليك .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب