الخميس 18 جمادى الآخرة 1446 - 19 ديسمبر 2024
العربية

تتفل كثيرا في الصلاة، وإذا سجدت أصابها القيء، فكيف تفعل؟

500865

تاريخ النشر : 27-03-2024

المشاهدات : 1750

السؤال

أنا امرأة حامل، ومنذ حملت وأنا لا أبلع ريقي، يعني أعزكم الله أتفل، ولو مرت قطرة أتقيأ، وأحيانا لا أستطيع فتح فمي لكي لا تسوء الحالة، فأضطر أن أصلي دون أن تفتح فمي، وأسبح أيضا دون أفتح فمي، فهل تقبل صلاتي، وأيضا عندي ارتجاع مريء إذا سجدت يأتيني القيء؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

قراءة القرآن والأذكار التي تقال في الصلاة ، كالتسبيح في الركوع والسجود، والتشهد، وتكبيرات الانتقال .. كل ذلك لا يصح إلا بتحريك اللسان والشفتين.

سئل الإمام مالك رحمه الله عن الذي يقرأ في الصلاة، لا يُسْمِعُ أحداً ولا نفسَه، ولا يحرك به لساناً، فقال:" ليست هذه قراءة، وإنما القراءة ما حرك له اللسان " انتهى من "البيان والتحصيل" لابن رشد (1/490).

وقال المرادوي رحمه الله في "الإنصاف" (2/44): "يجب على المصلي أن يجهر بالقراءة في صلاة السر، وفي التكبير وما في معناه، بقدر ما يسمع نفسه . وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. وقطع به أكثرهم.

واختار الشيخ تقي الدين الاكتفاء بالإتيان بالحروف، وإن لم يسمعها، وذكره وجها في المذهب. قلت: والنفس تميل إليه" انتهى .

والإتيان بالحروف لا يتأتى إلا مع تحريك اللسان والشفتين .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجب تحريك اللسان بالقرآن في الصلاة ؟ أو يكفي بالقلب؟

فأجاب :

" القراءة لابد أن تكون باللسان، فإذا قرأ الإنسان بقلبه في الصلاة فإن ذلك لا يجزئه ، وكذلك أيضاً سائر الأذكار، لا تجزئ بالقلب، بل لابد أن يحرك الإنسان بها لسانه وشفتيه؛ لأنها أقوال، ولا تتحقق إلا بتحريك اللسان والشفتين" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (13/156).

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعرفون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية باضطراب لحيته صلى الله عليه وسلم.

روى البخاري (746) عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ قَالَ: قُلْنَا لِخَبَّابٍ: " أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا: بِمَ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ ذَاكَ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ".

وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يحرك شفتيه عند القراءة تحريكا بينًا .

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "فتح الباري" (5/225):

"وفي هذه الأحاديث : دليل على أن قراءة السر تكون بتحريك اللسان والشفتين، وبذلك يتحرك شعر اللحية ، وهذا القدر لابد منه في القراءة والذكر وغيرهما من الكلام ....

قالَ ابن أبي موسى من أصحابنا : القراءة التي يسرها في الصلاة: يتحرك اللسان والشفتان بالتكلم بالقرآن ، فأما الجهر فيسمع نفسه ومن يليه" انتهى.

وعلى هذا ، فمن صلى وهو مطبق شفتيه فلا تصح صلاته ، لأن حقيقة الأمر أنه لم يقرآ القرآن ولا غيره من الأذكار .

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (156156).

ثانيا :

يجوز للمصلي إذا احتاج إلى البصاق في الصلاة أن يخرج المنديل من جيبه ويبصق فيه .

فإن هذه حركة يسيرة لا تبطل الصلاة، ولا تكون مكروهة، لأنه إنما يفعلها للحاجة ، وقد دلت السنة على جواز ذلك.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (8673).

وعلى هذا ؛ فيجب عليك أن تحركي لسانك وشفتيك عند القراءة ، ولا حرج عليك أن تحملي منديلا ، وتبصقي فيه عند الحاجة إلى ذلك .

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (483311).

ثالثا :

إذا كان سجودك يسبب لك القيء ، فهذا عذر يسقط به وجوب السجود على الأرض، في هذه الحال.  وقد ذكر العلماء بعض الأعذار التي تسقط وجوب السجود على الأرض .

سئل الإمام مالك رحمه الله عن الرجل لا يستطيع أن يسجد لرمد بعينه، أو قرحة بجبهته، أو صداع يجده، وهو يقدر على أن يومئ جالسا ويركع ويقوم قائما، أيصلي جالسا إذا كان لا يقدر على السجود؟

قال: "لا، ولكن ليقم فيقرأ ويركع ويقعد ويثني رجليه ويومئ إيماء لسجوده، ويفعل في صلاته كذلك حتى يفرغ." انتهى من "المدونة" (1/77).

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : "الله سبحانه يقول : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16 ، ويقول عز وجل : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286 ، فمن أصيب برأسه بمرض يشق عليه معه السجود في الأرض ويضره؛ لا حرج عليه أن يومئ إيماء ، ويكون إيماؤه في السجود أخفض من الركوع ، فلا حرج عليه أن يركع ويسجد بالإيماء ، ولكن سجوده يكون أخفض من الركوع إذا كان يشق عليه السجود على الأرض لمرض في رأسه أو غير ذلك من الأمراض التي تمنع السجود" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (2/1013).

فحصول القيء يشبه الأعذار الي ذكرها العلماء.

وعلى هذا؛ فإنك تركعين وتعتدلين من الركوع، ثم تجلسين، وتنحنين إلى حيث يمكنك الانحناء.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"فمن لم يقدر على الركوع أومأ به قائماً ، ومن لم يقدر على السجود أومأ به جالساً" انتهى من "الشرح الممتع" (4/475).

وبهذا تكونين قد أديت الصلاة كاملة حسب استطاعتك .

لكن، ينبغي عليك ألا تملئي بطنك من الطعام، تخففا من آثار الارتجاع، وإن كان يمكنك الصلاة تامة، والسجود على الأرض، ومعدتك فارغة؛ فاجعلي طعامك بعد الصلاة، واجتهدي في أن تؤدي الصلاة تامة، كلما أمكنك ذلك.

نسأل الله تعالى أن يزيل مرضك ويشفيك شفاء لا يغادر سقما.

والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب