السبت 23 ربيع الآخر 1446 - 26 اكتوبر 2024
العربية

إذا فسخت النكاح بسبب مماطلة الزوج بدفع المهر فهل تستحق نصفه؟

534722

تاريخ النشر : 23-10-2024

المشاهدات : 305

السؤال

عقد قراني ١٤٤٥/٧/٧، وتأخر وماطل بتسليم المهر ٨ أشهر عن تاريخ تسليمه كما مسجل بالعقد بيوم العقد يسلم ولم يسلمني؟ فهل يحق لي الفسخ ويكون بعوض نصف المهر لي؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كان المهر حالا، أو كان مؤجلا وقد حل موعده، فلم يدفعه الزوج، وكان قادرا، فللزوجة منع نفسها منه قبل الدخول، وكذا بعد الدخول على الراجح، ولها مقاضاته، وحبسه.

قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها، وكان حالّا، فلها ذلك.

قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها، حتى يعطيها مهرها…

فإن سلمت نفسها قبل قبضه، ثم أرادت منع نفسها حتى تقبضه، فقد توقف أحمد عن الجواب فيها.

وذهب أبو عبد الله ابن بطة وأبو إسحاق بن شاقلا إلى أنها ليس لها ذلك. وهو قول مالك، والشافعي، وأبي يوسف، ومحمد؛ لأن التسليم استقر به العوض برضى المسلِّم، فلم يكن لها أن تمتنع منه بعد ذلك، كما لو سلم البائعُ المبيعَ.

وذهب أبو عبد الله بن حامد، إلى أن لها ذلك. وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنه تسليم يوجبه عليها عقد النكاح؛ فملكت أن تمتنع منه قبل قبض صداقها، كالأول " انتهى من "المغني" (7/ 260).

وهذا الأخير رجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فلها أن تمنع نفسها ولو كانت قد سلمت نفسها تبرعا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا سلمت نفسها تبرعا في الحال؛ ثقةً بالزوج على أنه سيسلم المهر، ثم ماطل به، فالمذهب ليس لها أن تمنع نفسها؛ لأنها رضيت بالتسليم بدون شرط، فلا يمكن أن ترجع، ولكن تطالبه، وتحبسه على ذلك.

والصحيح: أن لها أن تمنع نفسها؛ لأن الرجل إذا ماطل، لا نمكنه من استيفاء الحق كاملا؛ لأنه لا يمكن أن نجعل جزاء الإحسان إساءة، ولا يمكن أن نخالف بين الزوجين، فنعامل هذا بالعدل، وهذا بالظلم، فنقول: كما امتنع مما يجب عليه، فلها أن تمتنع " انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 316).

ثانيا:

إذا لم يكن الزوج مماطلا، وإنما أعسر بالصداق، ففي المسألة تفصيل:

1-فإن كانت عالمة بإعساره، أو علمت ورضيت، فليس لها الفسخ.

2-وإن لم تكن عالمة بإعساره، ولم ترضَ بعد علمها، فلها الفسخ، قبل الدخول وبعده، لكن لا يكون الفسخ إلا عن طريق القاضي.

قال البهوتي، رحمه الله في "شرح المنتهى" (7/ 261): " (وإن أعسر) الزوج (بالمهر الحالِّ، قبل الدخول أو بعده: فَلِحُرَّةٍ مكلَّفة الفسخ)؛ لأنه تعذَّر عليها الوصول إلى العوض، أشبه ما لو أفلس المشتري.

(فلو رضيت بالمقام معه مع عسرته): امتنع الفسخ.

(أو تزوجته عالمة بعُسرته: امتنع الفسخ)؛ لرضاها به.

(ولها) أي: للتي رضيت بالمقام مع العسرة، أو تزوجته عالمة بها: (مَنْعُ نفسها) حتى تقبض مهرها الحالّ؛ لأنه لم يثبت له عليها حقّ الحبس…

(ولا يصح الفسخ في ذلك كلّه إلا بحكم حاكم)؛ لأنه فسخ مختلَف فيه " انتهى.

ثالثا:

إذا أعسر الزوج بالمهر، وقلنا لها الفسخ، فإن كان بعد الدخول: فلها المهر كاملا.

وإن كان قبل الدخول، فلا شيء لها، في مذهب الإمام أحمد؛ لأن الفرقة جاءت بطلبها.

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن لها نصفَ المهر، لأن الفرقة، وإن جاءت بطلبها؛ لكنها بسببه.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ‌‌قوله: (فإن أعسر بالمهر الحالِّ: فلها الفسخ، ولو بعد الدخول، ولا يفسخه إلا حاكم ).

أي: إذا أعسر بالمهر الحال، سواء كان حالًّا من الأصل، أو حل بعد التأجيل: فلها الفسخ؛ لأنه لم يسلم لها العوض.

مثال ذلك: رجل تزوج بامرأة على عشرة آلاف حالة، ودخل عليها، فلما طالبته تبيّن أنه معسِر، لا شيء عنده؟

نقول: لها أن تفسخ عقد النكاح، وإذا فسخت بقي المهر في ذمته؛ لأنه استقر بالدخول.

وكذلك على القول الراجح: إن كان لم يستقر، فلها أن تطالبه بما يجب لها قبل الدخول؛ لأن الفراق هنا بسببه، وقد تقدم أن الفراق إذا كان لعيبه، فالفرقة من قبله هو على الصحيح، والمذهب أنها من قبلها" انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 317).

وذهب المالكية إلى أنه إن ادعى الزوجُ الإعسارَ، أمهله القاضي ثلاثة أسابيع، فإن أثبت الإعسارَ، أمهله القاضي مدة سنة وشهر، فإن انقضت، وعجز، ولم ترض بالمقام معه وانتظاره، طلق القاضي عليه، وألزمه نصف المهر في ذمته.

وينظر: "منح الجليل" (3/ 429)، "الشرح الصغير" (2/ 437).

والنصيحة توسيط من ينصح الزوج إذا كان مماطلا، فإن لم يستجب فلك الامتناع عنه، ولك مقاضاته.

فإن كان معسرا، ولم تعلمي بإعساره، فلك الخيار في البقاء معه، أو في الفسخ.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب