الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يُظهر الإسلام ولا يحضر إلى المسجد إلا قليلاً فهل نسيء الظن به ؟

65620

تاريخ النشر : 05-01-2005

المشاهدات : 30408

السؤال

رجل يدعي الإسلام وهو من دولة أوربية ، ويقيم في دولة إسلامية ، ولا يحضر إلى المسجد في الصلاة إلا نادراً ، وعندما أكلمه : إني لا أراك تحافظ على وقت الصلاة . يقول : إنه يصلي في البيت ، مع العلم أنه ما زال يحمل إقامة وجواز مسيحي ، ويقول إن لديه شهادة تثبت أنه مسلم ، فما هو واجبنا تجاه هذا الرجل ؟.

الجواب

الحمد لله.

يجب على من ينتسب للإسلام أن يُظهر شعائره ، ويقيم شرائعه ؛ بقدر استطاعته ، وإذا ادعى المسلم أنه أدى العبادات كالصلاة والزكاة فإنه يُصَدَّق في ذلك ، ويقبل قوله .

وليس لنا إلا ما ظهر من الناس ، ولم يأمرنا ربنا أن نشق على قلوب الناس ، وليس ذلك في مقدور أحدٍ أصلاً .

والأصل أن يحكم بإسلام كل من تلفظ بالشهادتين ، ما لم يأت بناقض من نواقض الإسلام .

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ) ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا . قَالَ عُمَرُ : فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ . رواه البخاري (6924) ومسلم (20) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قال الخطابي : في الحديث أن من أظهر الإسلام أجريت عليه أحكامه الظاهرة ولو أسر الكفر في نفس الأمر .

ومحل الخلاف إنما هو فيمن اطُّلِعَ على معتقده الفاسد فأظهر الرجوع هل يقبل منه أو لا ؟ وأما مَنْ جُهل أمرُه فلا خلاف في إجراء الأحكام الظاهرة عليه " انتهى . "فتح الباري" (12/279، 280) .

وبما أنك لم تطلع على اعتقاد فاسد عند هذا الرجل ، ولم يأتِ بناقض للإسلام فليس لأحدٍ أن يطعن في انتسابه للإسلام ، والأصل السلامة والبراءة .

واقرأ هذا الحديث وتمعن فيما جاء فيه من حوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن الوليد رضي الله عنه .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : . . . فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّقِ اللَّهَ ! قَالَ : وَيْلَكَ ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ ؟! قَالَ : ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ . قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ قَالَ : لا ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي . فَقَالَ خَالِدٌ : وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ؟! قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ ، وَلا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ . رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .

غائر العينين : عيناه داخلتان في موضعيهما .

مشرف الوجنتين : غليظ أعلى الخدين .

ناشز : مرتفع .

وعن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : ( إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَة . رواه البخاري (2641) .

ولا شك أن الصلاة هي خير أعمال المرء ، فبما أنكم رأيتموه يصلي – ولو نادراً - وقد أظهر لكم الإسلام ، فيجب أن يؤمَّن ويُصدَّق ، فأكرموا هذا الرجل ، وأعينوه على تطبيق شعائر الدين ، وعلموه أحكام الشريعة ، وأهمية الصلاة ، وأدائها في جماعة في المسجد ، وأظهروا له حسن خلق الإسلام ، فلو كان غير صادق فلعله يتأثر ويصدق في ظاهره وباطنه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب