الحمد لله.
أولاً:
من المعلوم بالضرورة عند المسلمين أن الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر واجبة ، وشرط لصحة الصلاة ، وأن من صلى بغير طهارة عامدًا أو ناسيًا فصلاته باطلة ، وعليه الإعادة ، ثم إن كان عامدًا فقد ارتكب إثمًا كبيرًا ومعصيةً عظيمةً .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فالمسلم لا يصلي إلى غير القبلة ، أو بغير وضوء أو ركوع أو سجود ، ومن فعل ذلك كان مستحقا للذم والعقاب" انتهى .
"منهاج السنة النبوية" (5/204) .
وقد جاء الوعيد الشديد لمن فعل ذلك :
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يُضرَب في قبره مائة جلدة ، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدةً واحدةً ، فجُلد جلدةً واحدةً ، فامتلأ قبره عليه نارًا ، فلما ارتفع عنه أفاق ، قال : علام جلدتموني ؟ فقيل له : إنك صليت صلاةً واحدةً بغير طهور ، ومررت على مظلوم فلم تنصره ) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/231) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2774) .
ثانيًا :
اتفق أهل العلم على أن من صلى بغير طهارة مستحلًا ذلك ، أو مستهزئاً ، فقد كفر ، ويستتاب ، فإن تاب وإلا قتل .
وأما إذا صلى بغير وضوء تهاوناً لا على وجه الاستحلال ولا الاستهزاء ، فقد ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يكفر أيضاً ، وجمهور العلماء على أنه لا يكفر ، ويكون فعل كبيرة من الكبائر .
يقول النووي رحمه الله :
" إن كان عالما بالحدث وتحريم الصلاة مع الحدث فقد ارتكب معصيةً عظيمةً ، ولا يكفر عندنا بذلك ، إلا أن يستحله ، وقال أبو حنيفة : يكفر لاستهزائه.
دليلنا : أنه معصية فأشبهت الزنا وأشباهه " انتهى .
"المجموع" (2/84) ، وبنحوه في "روضة الطالبين" (10/67) .
وانظر مذهب الأحناف في : "البحر الرائق" (1/151،302) ، (5/132) ، "حاشية ابن عابدين" (3/719) .
فالواجب على من صلى بغير طهارة التوبة والاستغفار ، والعزم على عدم العود إلى مثل ذلك ، ثم يعيد الصلاة التي صلاها بغير طهارة ، والله تعالى يتوب على من تاب ، ولا يجب عليه تجديد إسلامه .
والله أعلم .
انظر سؤال رقم (27091) .
تعليق