الحمد لله.
أولا :
إذا كتب الرجل بيده صريح الطلاق ، فإنه لا يقع إلا إذا نواه ، عند جمهور العلماء ؛ لأن الكتابة محتملة .
قال ابن قدامة رحمه الله : (7/373) : " ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلاق , إلا في موضعين ; أحدهما : من لا يقدر على الكلام , كالأخرس إذا طلق بالإشارة , طلقت زوجته . وبهذا قال مالك , والشافعي , وأصحاب الرأي . ولا نعلم عن غيرهم خلافهم ...
الموضع الثاني : إذا كتب الطلاق , فإن نواه طلقت زوجته ، وبهذا قال الشعبي , والنخعي , والزهري , والحكم , وأبو حنيفة , ومالك وهو المنصوص عن الشافعي ...
فأما إن كان كتب ذلك من غير نية , فذهب بعض العلماء إلى أنه يقع وهو قول الشعبي , والنخعي , والزهري , والحكم ; لما ذكرنا .
والقول الثاني : أنه لا يقع إلا بنية ، وهو قول أبي حنيفة , ومالك , ومنصوص الشافعي ; لأن الكتابة محتملة , فإنه يقصد بها تجربة القلم , وتجويد الخط , وغم الأهل , من غير نية " انتهى بتصرف .
وحيث إن والدك لم يتلفظ بالطلاق ، ولم يكتبه ، وإنما كتبه غيره ، ووقع هو من غير أن ينوي الطلاق ، فإن الطلاق لا يقع .
ثانيا :
هذا العمل الذي أقدم عليه والدك فيه مفاسد ظاهرة ، منها مسألة الميراث ، إذا كان يقسم عن طريق الدولة ، فإنه لا توارث بين أبيك وأمك في هذه الحالة ، وأما إذا كان الميراث لا يوزع عن طريق الدولة ، فإن المخرج أن يُشهد والدك شاهدين عدلين على استمرار الزوجية بينه وبين والدتك ، مع شيوع ذلك بين الناس ، فإن مات أحدهما ورثه الآخر .
ومن المفاسد : ما لو رزقه الله ولدا من أمك ، فإنه يتعذر عليه تسجيله ، إضافة إلى ما في عمله من الكذب والتزوير .
ثالثا :
حيث إن الطلاق المسئول عنه لم يقع - كما سبق - فإنه لا يحتاج إلى رجعة .
والله أعلم .
تعليق