الحمد لله.
أولا :
الصوفية طرق شتى ، ومذاهب متباينة ، والغالب عليها الابتداع والانحراف ، على تفاوت بينها في ذلك ، فمنها الغالي الذي يبلغ به الغلو حد الشرك بالله تعالى ، كدعاء الأموات ، والالتجاء والاعتماد عليهم في كشف الكربات ، ودفع البليات ، ومنها المكثر من البدع العملية ، في الذكر والعبادة ، وانظر السؤال رقم 4983 للوقوف على شيء من انحراف المتصوفة .
والسؤال رقم (34817) لمعرفة الشرك وأنواعه .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" : " الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية ، مع بدع أخرى ، كقول بعضهم : مدد يا سيد ، وندائهم الأقطاب ، وذكرهم الجماعي ، فيما لم يسم الله به نفسه ، مثل : هو هو ، وآه آه ، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم الشركية ، وغيرها من المنكرات " انتهى .
ثانيا :
الزواج من امرأة صوفية ، فيه تفصيل :
1- فإن كانت ممن يقع في الشرك اعتقادا أو عملا ، كمن تعتقد في الأولياء أنهم يعلمون الغيب ، ويتصرفون في الكون ، أو تعتقد القول بحلول أو الاتحاد ، أو تصرف العبادة لغير الله ، دعاء واستغاثة أو ذبحا أو نذرا ، فهذه لا يجوز الزواج منها ؛ لأنها واقعة في الشرك الأكبر ، عياذا بالله من ذلك .
2- وإن كانت لا تقع في الشرك ، لكنها تمارس بعض البدع ، كالاحتفال بالمولد ، أو الذكر بهيئات مخترعة ، والتزام عدد معين في الأذكار لا أصل له ، وكيفيات معينة ، لم تثبت في الشرع ، فهذه الأولى عدم الزواج منها ؛ لأن البدعة خطرها عظيم ، وضررها كبير ، وهي أحب إلى إبليس من المعصية ، لأن المعصية يتاب منها بخلاف البدعة ، فإن صاحبها يراها دينا يتقرب به إلى الله ، فكيف يقلع عنها ، وأيضا : فالزواج من المبتدعة فيه خطر على الأولاد وعلى الأسرة كلها ، لا سيما إذا كانت المرأة صاحبة لسان أو خلق ، فينخدع بها غيرها . قال الإمام مالك رحمه الله : " لا ينكح أهل البدع ؛ ولا ينكح إليهم ، ولا يسلم عليهم ... " المدونة " (1/84) .
ثالثا :
إذا لم يعلم أن المرأة على المذهب الصوفي حتى تزوجها ، فإن كانت من القسم الأول الذي يقع في الشرك قولا أو عملا أو اعتقادا ، فإنه يدعوها وينصحها ويبين لها ، فإن استقامت فالحمد لله ، وإلا فارقها وجوبا ؛ لأنه لا يجوز ابتداء نكاح المشركة ، ولا استدامته ؛ لقوله تعالى : ( وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) الممتحنة/221
وأما إن كانت من القسم الثاني ، الذي يقع في بدع الأعمال التي لا تبلغ الكفر ؛ فإنه ينظر إلى كل حالة بحسبها ؛ من حيث تمسك المرأة بما عندها من البدع ، أو عدم تمسكها ، ومن حيث آثارها على البيت والأولاد كذلك .
ثم إنه ينظر أيضا إلى الآثار المترتبة على طلاقها ؛ فيغلب جانب المصلحة الشرعية في كل حالة بحسبها ، وتدرأ المفاسد ، أو تقلل قدر الإمكان .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تعليق