الحمد لله.
إذا كان المقصود أنه زنى – عياذا بالله – فإن الزنى ذنب عظيم ، وجرم كبير ، حذر الله تعالى منه ، وبَيَّن سوء عاقبته ، فقال : ( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) الإسراء/32 ، وجعل سبحانه عقوبة الزاني الرجم بالحجارة إن كان محصنا ، والجلد إن كان بكرا ، وذلك لشناعة ما أقدما عليه من الاستمتاع المحرم ، قال سبحانه : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2.
ولكن من رحمة الله تعالى أن باب التوبة مفتوح ، وأنه سبحانه غفور رحيم يحب توبة عبده ويقبلها إذا جاء إليه ، قال سبحانه : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) التوبة/104 وقال سبحانه : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) النساء/17.
وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/68- 70.
فما أحلم الله ، وما أكرمه. خيره إلى العباد نازل ، وشرهم إليه صاعد ، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، وما على المذنب إلا أن يقرّ بذنبه ويقلع عنه ، ويطلب من ربه العفو والمغفرة ، ويعزم على عدم العود إليه ، ويصلح أعماله ، ويجتهد فيما يرضي ربه تبارك وتعالى .
فمن فعل هذا فليثق بالفرج ، فإن الرحمن الرحيم يفرح بتوبة عبده ، ويقبلها منه ، ويثيبه عليها ، ويمحو بها سيئاته ، ويرفع بها درجاته ، لأنه الحليم الكريم البر الرحيم جل في علاه .
قال الله تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) طه/82.
ثم نقول لهذا الأخ : إياك ثم إياك أن تهتك ستر الله عليك ، وأن تخبر أحدا بما صدر منك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها ، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله عز وجل وليتب إلى الله ) رواه البيهقي وصححه الألباني صحيح الجامع برقم (149).
وروى مسلم (2590) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ).
فبادر بالتوبة والندم ، وابك على خطيئتك وذنبك ، واستتر بستر الله تعالى ولا تجاهر بمعصيتك ، وأكثر من الأعمال الصالحة من صلاة وصدقة وذكر وتسبيح ، فإن ذلك من أسباب المغفرة .
واحذر من التسويف في التوبة ، أو الاغترار بحلم الله وستره ، فإنه سبحانه يمهل ولا يهمل ، ويغضب فينتقم ، ولربما نظر إلى عبده المجترئ على معصيته فقال : اذهب فلن أقبل منك عملا ، فيبوء بالخسران ، وتكون عاقبته النيران ، نسأل الله العفو والعافية ، والسلامة والنجاة .
ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يردهم إليه ردا جميلا .
والله أعلم .
تعليق