الحمد لله.
أولاً:
لا يوجد في الشرع ما يمنع المسلم من ترجمة معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، لكن لا بدَّ من أن يكون القائم على الترجمة بصيراً باللغة العربية ، وبصيراً باللغة التي يريد الترجمة لها ، ولا بدَّ أن يكون أميناً في نقله وترجمته ، ولابدَّ أن يكون على علمٍ بالشريعة ، وأن يكون على اعتقاد أهل السنَّة والجماعة ، وإلا فإنه لا يؤمن على ترجمته أن يدس بها اعتقادات ضالة منحرفة .
وترجمة معاني أسماء الله وصفاته لا تخرج عما ذكرناه من الجواز ، ومن الشروط ، وعلى المسلم الذي يود القيام بهذه المهمة الجليلة أن يُكثر من قراءة كتب أهل السنة والجماعة المؤلفة في بيان معاني أسماء الله وصفاته ، قبل القيام بالترجمة ؛ لئلا يقع منه الخطأ في فهم الاسم أو الصفة ؛ وحتى يترجمه إلى المعنى اللائق به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وأما مُخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ، ولغتهم : فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك ، وكانت المعاني صحيحةً ، كمخاطبة العجم من الروم والفُرس والتُّرك بلغتهم وعُرفهم ، فإنَّ هذا جائزٌ حسن للحاجة ، وإنما كرهه الأئمة إذا لم يُحْتَجْ إليه .…
" درء تعارض العقل والنقل " ( 1 / 43 ) .
وقال – رحمه الله - :
وكذلك في الإثبات ، له الأسماء الحسنى التي يُدعى بها ...
[و]إذا أثبت الرجل معنًى حقّاً ، ونفى معنًى باطلاً واحتاج إلى التعبير عن ذلك بعبارة لأجل إفهام المخاطب لأنها من لغة المخاطب ، ونحو ذلك : لم يكن ذلك منهيّاً عنه ؛ لأن ذلك يكون من باب ترجمة أسمائه ، وآياته بلغة أخرى ليفهم أهل تلك اللغة معاني كلامه وأسمائه ، وهذا جائز ، بل مستحب أحياناً ، بل واجب أحياناً ... إذا كانت المعاني التي تبيَّن لهم هي معاني القرآن والسنة ، تشبه قراءة القرآن بغير العربية ، وهذه الترجمة تجوز لإفهام المخاطب بلا نزاع بين العلماء ."
انتهى ـ مختصرا ـ من : " بيان تلبيس الجهمية " ( 2 / 389 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هل يجوز ترجمة أسماء الله الحسنى إلى لغة غير عربية – يعني: أجنبية - ؟ .
فأجاب:
ترجمة أسماء الله سبحانه وتعالى لمن يريد أن يتفهمها : هذا لا بأس به ، بل قد يكون واجباً ؛ إذ إن الذي لا يعرف اللغة العربية يحتاج إلى فهم المعنى ، ولهذا قال الله عز وجل : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ) يعني : بِلُغتهم ( لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ) إبراهيم/من الآية 4 .
فترجمتها لأجل التفهيم : لا بأس به .
أما لأجل التأسيس بمعنى أن نُحلَّ غير اللغة العربية محل اللغة العربية : فهذا لا يجوز ؛ لأنه طمسٌ للغة العربية .
" دروس الحرمين : دروس المسجد النبوي " الشريط 62 ، الوجه الثاني .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 9347 ) فتوى اللجنة الدائمة في جواز ترجمة القرآن والحديث وأسماء الله تعالى ، فلتنظر .
ثانياً:
والزيادة على أسماء الله تعالى باللغة المترجم إليها لا حرج فيه إن كان يؤدي إلى إيصال المعنى اللائق بالله تعالى ، ولا يلتفت المترجم إلى كون الاسم منصوباً أو مرفوعاً أو مجروراً في القرآن أو السنة ؛ فإن هذا لا يؤثر في الترجمة ، ولن يغير معنى الاسم وروده مرفوعاً أو منصوباً ؛ لأن تلك الحركات استحقها الاسم بحسب موقعه من الإعراب .
ومما نزكيه للأخ المترجم من كتب يقرؤها قبل قيامه بالترجمة :
1. " تفسير أسماء الله الحسنى " للشيخ عبد الرحمن السعدي ، منشور في " مجلة الجامعة الإسلامية " ( العدد 112 ) .
2. " القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى " للشيخ محمد بن صالح العثيمين .
3. " صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنَّة " للشيخ علوي بن عبد القادر السقَّاف .
4. " النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى " للشيخ محمد الحمود .
والله أعلم
تعليق