الحمد لله.
أولا :
نوصيك بالتمسك بالإسلام ، والمحافظة على شعائره ، من الصلاة والزكاة والصيام ، وأن تكون قدوة لهذه الزوجة ، لعل الله أن يهديها على يديك فتنال بذلك خيرا عظيما .
ثانياً :
قلقك بسبب الخوف من نشوء أطفالك على غير الإسلام ـ في حال إنجابهم من هذه المرأة ـ يعكس حرصاً جميلاً منك على دينك ودين ذريتك ، ولا شك أن هذه الروح الطيبة منك أمر جميل فتحتاج لتحقيق هذا الاطمئنان إلى الإكثار من دعاء الله تعالى أن يحفظ عليك دينك ودين ذريتك ، وعليك بالاستخارة الشرعية ، وسؤال الله أن يشرح صدرك ويوفقك للأسلم لدينك في أمر بقائها معك وإنجابك منها ، أو مفارقتها والزواج بمسلمة متمسكة بدينها تأمن معها ـ بإذن الله على ذريتك ونسلك ، واعلم يقيناً أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليك أن تستفيد من شدة تعلّق زوجتك بك في أن توضِّح لها أنه إذا حصل تنازع عندك بين محبتها وبين سلامة دينك فإنك ستقدِّم سلامة دينك ، لعل هذا يكون حافزاً لها للدخول في دين الله الحق ( الإسلام )
علماً بأنه ليس لك أن ترغمها على الدخول في الإسلام من غير قناعة به إذ لا ينفعها الدخول في دين الله مكرهة مقسورة ، كما ذكر ذلك ابن كثير (1/311)
وانظر آثار الزواج من الكتابيات سؤال برقم ( 20227 )
ثالثاً : إن كانت ظروفك مهيأة لتربية أبنائك على الإسلام، وحمايتهم من الانحراف الديني والخلقي، مع الأمن من تأثير أمهم وعائلتها عليهم في ذلك، فلا حرج من السعي في إنجاب هؤلاء الأولاد من زوجتك هذه ولو ظلت على دينها ، إذ الإنجاب حق للزوجة أيضاً ، وقد يكون في ذلك إعانة لها على تعلم الإسلام والنظر فيه كما وعدَت .
رابعاً :
ينبغي أن تحرص على الهجرة إلى بلد إسلامي تتمكن فيه من تربية أبنائك تربية صحيحة ، سواء بقيت مع هذه الزوجة أو تزوجت غيرها ، إذ الإقامة في بلاد الكفار لا تجوز إلا عند الضرورة أو المصلحة والحاجة ، كالإقامة للدعوة إلى الله تعالى ، أو لدراسة علم يحتاجه المسلمون غير متوفر في بلادهم ، مع التمكن من إظهار الدين وبيانه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين". رواه أبو داود ( 2645) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وراجع في تفصيل هذه المسالة لسؤال رقم ( 13363 )
خامساً :
في حال حصول الطلاق، فإن الزوجة تستحق ما لها من المهر المؤجل إن كان. وأما سكنها والنفقة عليها أثناء العدة ، فيختلف باختلاف نوع الطلاق :
فمن طلق زوجته طلقة واحدة رجعة ، فإن لها السكنى والنفقة أثناء العدة ، كما أنها ترثه ويرثها في هذه المدة ، لبقاء الزوجية. والدليل على أن للرجعية السكنى قوله تعالى : )يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً ) الطلاق/1 فإن لم يراجعها حتى انتهت عدتها ، فلا ترجع إليه إلا بعقد جيد .
ومن طلق زوجته طلاقا بائنا ، فليس لها النفقة ولا السكنى زمن العدة ، إلا أن تكون حاملا .
والبينونة نوعان : بينونة صغرى ، وتكون بالطلاق قبل الدخول ، وبالطلاق على عوض .
وبينونة كبرى : وتكون بتمام ثلاث طلقات .
والدليل على أن المطلقة طلاقا بائنا لا نفقة لها ولا سكنى : ما رواه مسلم (1480) عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ قَالَتْ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلا نَفَقَةً وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ".
وفي رواية لمسلم أيضا : قَالَتْ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "لا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى".
وفي رواية لأبي داود : " لا نَفَقَةَ لَكِ إِلا أَنْ تَكُونِي حَامِلا ".
والله أعلم .
تعليق