زكاة المال المجتمع في الصندوق التعاوني للإقراض
لدينا صندوق عائلي تعاوني ، يشترك به 21 فرداً ، يدفع كل فرد مبلغا متساويا من المال ، وبعد سنَة يُسمح لأي مشترك طلب قرضاً أن يُعطى ، شرط ألا تقل موجودات الصندوق عن 20 ألف ، وبدون فائدة ، تسدد على أقساط شهرية ، يعاد لكل فرد مشترك بالصندوق مبلغ مساوٍ لما دفعه خلال 7 سنوات - مدة الصندوق - .
عند حلول الزكاة : كان بالصندوق 88 ألف - 20 أصل ثابت ، و 48 هي من تسديد أقساط المقترضين التي توفرت من 4 شهور ماضية فقط - هل الزكاة في الـ 20 ألف فقط ، أم في كامل المبلغ - 88 ألف - ؟ هل الزكاة على كل المشتركين في الصندوق أم على المقترضين ، أم على غير المقترضين ؟ .
هذا ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب
الحمد لله.
أولاً:
إنشاء صناديق الأسر التعاونية من الأعمال الخيِّرة ، وهي منتشرة بين القبائل
الكبيرة ، والأسر الصغيرة ، وتكون أحياناً بين موظفين ، أو أصدقاء .
وتختلف أعمال وطبيعة هذه الصناديق بعضها عن بعض ، فبعضها يُخرج المنتسب إلى الصندوق
مالاً شهريّاً ، أو دوريّاً ، ولا ينتظر رجوعه إليه ، بل هو مال تبرع فيه للصندوق ،
لسد حاجة محتاج ، أو فك كربة مكروب ، وبعض الصناديق تخصص لإقراض المنتسبين إليه ،
والمشتركين فيه ، وتعود إليهم أموالهم - أو إلى ورثتهم - في نهاية المطاف ،.
فأما أصحاب الصناديق من القسم الأول : فليس في مال صندوقهم زكاة ؛ لانقطاع تملكهم
للمال المبذول للصندوق .
وأما أصحاب الصناديق من القسم الثاني : ففي مال الصندوق زكاة ؛ لأنه لم يخرج عن ملك
صاحبه .
وقد صدرت فتاوى متعددة من علماء اللجنة الدائمة في هذه الأقسام والأنواع من
الصناديق :
ففي النوع الأول قالوا :
إذا كان الواقع كما ذُكر ، وكان لا يعود ما توفر منه إلى مَن تبرعوا به بنسبة
تبرعهم ، بل انقطع تملكهم الخاص بمجرد تبرعهم ، وإنما يصرف فيما تبرعوا من أجله :
فلا زكاة فيه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 289 ) .
وفي النوع الثاني ، وهو الذي محل السؤال الوارد هنا ، قالوا :
تجب الزكاة في الصندوق المذكور ؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه ، وإنما هو في حكم
القرض .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 291 ) .
ثانياً:
إذا قلنا إن الزكاة على المال الذي في الصندوق : فكيف يكون إخراجها ؟ .
الظاهر : أن الزكاة تجب على كل مشترك بماله الخاص الذي دفعه ، وذلك بشرط أن يبلغ
نصيبه الذي دفعه النصاب وحده ، أو مضموما إلى ماله الخاص ، إذا كان له مال آخر من
جنسه ، خارج الصندوق .
فمن كان – مثلاً – يخرج زكاته في " شعبان " : فيحسب ما معه من مال ويضيف إليه ما
دفعه للصندوق ، ويزكي جميع المال ، والزكاة : 2,5% على المبالغ الموجودة .
وإذا كان لا يملك مالاً خارج الصندوق : فلينتبه لمجموع ما دفعه للصندوق ، فإذا بلغ
النصاب أثناء السنَة : فليبدأ بحساب الحوْل .
وننبه هنا إلى أن اقتراض المشتركين من الصندوق – بما فيه ماله المدفوع له – لا يؤثر
في وجوب الزكاة ؛ لأن الدَّيْن هنا إذا بلغ النصاب فهو مال زكوي تجب فيه الزكاة ،
والدَّين في الذمة ، يؤدى عند الاستطاعة .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في زكاة مَن عليه ديْن ، إذا كان ما معه يبلغ النصاب
، والذي نرجحه في موقعنا هذا هو أن الدَّين لا يمنع من الزكاة ، وهو مذهب الشافعي
رحمه الله ، وهو ما يرجحه الشيخان ابن باز والعثيمين رحمهما الله ، وهو قول اللجنة
الدائمة .
انظر أجوبة الأسئلة : ( 22426
) و ( 83903 ) و (
106434 ) .
وعليه : فإذا كنت مدينا لغيرك بمال ، وهذا المال ـ الذي هو دين ـ بيدك : لا يُحسم
من مالك الذي تريد زكاته ، بل يضاف عليه ، ويزكَّى جميعه ، إلا أن ترد المال
لأصحابه قبل نهاية الحول ، كما بينه العلماء في الأجوبة المحال عليها .
والله أعلم