الحمد لله.
أولاً:
إنشاء صناديق الأسر التعاونية من الأعمال الخيِّرة ، وهي منتشرة بين القبائل الكبيرة ، والأسر الصغيرة ، وتكون أحياناً بين موظفين ، أو أصدقاء .
وتختلف أعمال وطبيعة هذه الصناديق بعضها عن بعض ، فبعضها يُخرج المنتسب إلى الصندوق مالاً شهريّاً ، أو دوريّاً ، ولا ينتظر رجوعه إليه ، بل هو مال تبرع فيه للصندوق ، لسد حاجة محتاج ، أو فك كربة مكروب ، وبعض الصناديق تخصص لإقراض المنتسبين إليه ، والمشتركين فيه ، وتعود إليهم أموالهم - أو إلى ورثتهم - في نهاية المطاف ،.
فأما أصحاب الصناديق من القسم الأول : فليس في مال صندوقهم زكاة ؛ لانقطاع تملكهم للمال المبذول للصندوق .
وأما أصحاب الصناديق من القسم الثاني : ففي مال الصندوق زكاة ؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه .
وقد صدرت فتاوى متعددة من علماء اللجنة الدائمة في هذه الأقسام والأنواع من الصناديق :
ففي النوع الأول قالوا :
إذا كان الواقع كما ذُكر ، وكان لا يعود ما توفر منه إلى مَن تبرعوا به بنسبة تبرعهم ، بل انقطع تملكهم الخاص بمجرد تبرعهم ، وإنما يصرف فيما تبرعوا من أجله : فلا زكاة فيه .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 289 ) .
وفي النوع الثاني ، وهو الذي محل السؤال الوارد هنا ، قالوا :
تجب الزكاة في الصندوق المذكور ؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه ، وإنما هو في حكم القرض .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 9 / 291 ) .
ثانياً:
إذا قلنا إن الزكاة على المال الذي في الصندوق : فكيف يكون إخراجها ؟ .
الظاهر : أن الزكاة تجب على كل مشترك بماله الخاص الذي دفعه ، وذلك بشرط أن يبلغ نصيبه الذي دفعه النصاب وحده ، أو مضموما إلى ماله الخاص ، إذا كان له مال آخر من جنسه ، خارج الصندوق .
فمن كان – مثلاً – يخرج زكاته في " شعبان " : فيحسب ما معه من مال ويضيف إليه ما دفعه للصندوق ، ويزكي جميع المال ، والزكاة : 2,5% على المبالغ الموجودة .
وإذا كان لا يملك مالاً خارج الصندوق : فلينتبه لمجموع ما دفعه للصندوق ، فإذا بلغ النصاب أثناء السنَة : فليبدأ بحساب الحوْل .
وننبه هنا إلى أن اقتراض المشتركين من الصندوق – بما فيه ماله المدفوع له – لا يؤثر في وجوب الزكاة ؛ لأن الدَّيْن هنا إذا بلغ النصاب فهو مال زكوي تجب فيه الزكاة ، والدَّين في الذمة ، يؤدى عند الاستطاعة .
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في زكاة مَن عليه ديْن ، إذا كان ما معه يبلغ النصاب ، والذي نرجحه في موقعنا هذا هو أن الدَّين لا يمنع من الزكاة ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله ، وهو ما يرجحه الشيخان ابن باز والعثيمين رحمهما الله ، وهو قول اللجنة الدائمة .
انظر أجوبة الأسئلة : ( 22426 ) و ( 83903 ) و ( 106434 ) .
وعليه : فإذا كنت مدينا لغيرك بمال ، وهذا المال ـ الذي هو دين ـ بيدك : لا يُحسم من مالك الذي تريد زكاته ، بل يضاف عليه ، ويزكَّى جميعه ، إلا أن ترد المال لأصحابه قبل نهاية الحول ، كما بينه العلماء في الأجوبة المحال عليها .
والله أعلم
تعليق