الحمد لله.
ثانياً:
اعلمي ـ يا أمة الله ـ أنه لا يحل لك ولا لزوجك ، ولا لأحد من المسلمين ترك الصلاة
، فليس أمام المسلم فرصة للاختيار : أصلي ، أو : لا أصلي ! بل هي واجبة عليه ، وفرض
افترضها الله على المسلمين ، ولعظم هذه العبادة فإن الله تعالى فرضها على نبيه صلى
الله عليه وسلم في السماء ، ومباشرة دون واسطة .
إن في الصلاة لراحة ، أي راحة ـ يا أمة الله ـ كما تقولين ؛ إنها جنة الدنيا ،
وراحة العابدين ، وقرة عين المؤمنين ؛ يطمئن بها قلبه ، وتهدأ بها جوارحه ، ويهنأ
باله . ولذلك كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ ـ أي
ضايقه ، وشغل باله ـ صَلَّى ) حديث صحيح ، رواه أبو داود (1319) وغيره ، وكان يقول
لبلال مؤذنه " أرحنا بها ـ يعني : بالصلاة ـ يا بلال " رواه أبو داود ( 4958 )
بإسناد صحيح ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( وَجُعِلَت قُرَّةُ عَيْنِي فِي
الصَّلَاةِ ) حديث صحيح ، رواه النسائي (3939) وغيره .
ثالثاً:
كان الواجب على زوجك أن يعلمك ما تحتاجين إليه من أمر دينك ، أول دخولك في الإسلام
، وخاصة ما يتعلق بأحكام الصلاة ، وأن يحفِّظك شيئاً من القرآن ، وخاصة سورة "
الفاتحة " ؛ فإنه لا تصح صلاتك من غير قراءتها ، ثم يبين لك تباعا ما يتعلق بأمر
دينك ، إن كان عنده مقدرة على ذلك ، فإن لم يكن قادرا على تعليمك : أخذ بيدك لأقرب
مركز إسلامي ، أو مسجد ، يمكنك أن تتعلمي فيه ما يحتاجه المسلم الجديد من أمر
اعتقاده ودينه الجديد ، وما عليه من الأحكام ، وما يتعلق من آداب وأخلاق .
وانظري جواب السؤال رقم ( 3471 )
بعنوان " ماذا يفعل غير العربي بأذكار الصلاة ؟ " .
وجواب السؤال رقم ( 5410 ) بعنوان "
مسلمة جديدة يشقّ عليها قراءة سورة الفاتحة " .
جواب السؤال رقم ( 13340 ) بعنوان "
كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " .
رابعاً:
من الجيد أنكِ راسلتنا حتى نساهم في إيصال رسالة الإسلام النقية لك ، ونحمد الله أن
وفقك لذلك . ونحن نجزم أنه لا يوجد عاقل على وجه الأرض يتجرد من هواه ورواسب
جاهليته إلا ويسلِّم لهذا الدين بالعظمة والجلالة ، وإذا أردتِ واقعاً عمليّاً
فانظري كم دخل في هذا الدِّين من المثقفين والسياسيين والعلماء والقساوسة وغيرهم
ممن كانوا على الكفر أو الإلحاد !!
خامساً:
أما سؤالك : " لماذا يقال دائما إن الرجل والمرأة لا فرق بينهما عندما أقرأ عن
الإسلام " ، فيحتاج لبيان ؛ فالرجل والمرأة لا فرق بينهما في الإسلام في أمور ،
وبينهما ـ أيضا ـ فروق بينهما في أمور يتعلق بها أحكام عديدة في عباداتها
ومعاملاتها .
أ. فمن أعظم ما تستوي فيه المرأة مع الرجل : المشاركة في التكليف ، وفي الجزاء
الدنيوي والأخروي .
أما في التكليف : فكل نص من القرآن والسنَّة فيه الأمر بالصلاة والصيام والزكاة
والحج وغير ذلك من التكاليف الشرعية فهو يشمل النساء ، إلا ما استثناه الشرع من
التخفيف عليهم ، وليس بزيادة التكليف ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (
إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ) رواه الترمذي ( 105 ) وأبو داود ( 204
) من حديث عائشة ، وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وفي الجزاء الدنيوي والأخروي نقرأ قول الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ
ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) النحل
الآية 97 ، وقوله تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ
عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) آل
عمران الآية 195 .
ب. أما الفروق التي بين المرأة والرجل فإنها موجودة في تشريع رب العالمين ، ولسنا
نخجل من وجودها ، بل نفخر بتشريعها ، وأن الله تعالى جعل للمرأة رسالة في حياتها
تختلف عن الرجل ؛ فلاختلافات في الخلقة والتكوين والصوت والهيئة لا يُنكر ، وإذا
ثبتت تلك الفروق في تلك الأشياء ، فمن الطبيعي أن يترتب عليها بعض الاختلافات في
الأحكام ، وإننا لنرى في عالم الغرب تناقضات كثيرة في هذا الباب ، فها هم يفرقون
حتى في " ديكور " غرف الذكور عن الإناث ! وفي ألعاب كل واحد منهم ! وما ذاك إلا
للفروقات في الخلقة والعقل والتفكير والعاطفة وغير ذلك مما يعرفه الآباء والأمهات
من أولادهم الذكور والإناث .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :
فمحاولة استواء المرأة مع الرجل في جميع نواحي الحياة : لا يمكن أن تتحقق ؛ لأن
الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أولا ، وشرعاً منزَّلاً ثانياً : تمنع من ذلك
منعاً باتّاً .
ولقوة الفوارق الكونية والقدرية والشرعية بين الذكر والأنثى : صح عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه لعن المتشبه من النوعين بالآخر ، ولا شك أن سبب هذا اللعن هو محاولة
من أراد التشبه منهم بالآخر لتحطيم هذه الفوارق التي لا يمكن أن تتحطم .
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( لعن رسول الله
صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ) .
وقد قدمنا هذا الحديث بسنده في سورة " بني إسرائيل " ، وبينَّا هناك أن من لعنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهو ملعون في كتاب الله ، فلو كانت الفوارق بين
الذكر والأنثى يمكن تحطيمها وإزالتها : لم يستوجب من أراد ذلك اللعن من الله ورسوله
.
ولأجل تلك الفوارق العظيمة الكونية القدرية بين الذكر والأنثى : فرَّق الله جل وعلا
بينهما في الطلاق فجعله بيد الرجل دون المرأة ، وفي الميراث ، وفي نسبة الأولاد
إليه ، وفي تعدد الزوجات دون الأزواج ... .
" أضواء البيان " ( 7 / 415 ) .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 1105 )
لمعرفة " هل الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة " ؟ وفيه بيان لبعض الفروقات بين
الرجال والنساء .
وسبق في جواب السؤال رقم ( 115534
) توضيح لمفهوم المساواة في الإسلام .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 1106 )
لمعرفة الفروق بين النساء والرجال في الصلاة .
سادساً::
وأما السؤال الآخر: " والله يقول في قرآنه : إن الرجال قوامون على النساء لأن
المرأة لا تعمل وأنه لا يجوز لها أن تعمل ! فهذا القول فيه صواب وخطأ : أما الصواب
: فقوامة الرجال ، والمقصود بهم هنا : الأزواج ، وهذا ثابت في قوله تعالى (
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) النساء/ من الآية 34 .
والخطأ في أمرين :
1. الاعتقاد بأن المرأة لا يحق لها أن تعمل في الإسلام ، فهذا خطأ ، وليس مذكوراً
في القرآن ولا في السنَّة ، فهناك فرق بين أن تكون المرأة ملزمة بالعمل والنفقة ،
وبين أن يكون من حقها أن تعمل ، إذا احتاجت إلى ذلك ، ورغبت فيه . والحقيقة أن الله
تعالى جعل القِوامة للزوج على زوجته ، لما جعله عليه من الطبيعة الخلقية التي
تتناسب مع ذلك ، والتي تؤهله ليكون قائد البيت ، ومسئولاً عن أفراد أسرته ، ولأجل
ذلك فقد أوجب عليه النفقة على أسرته ، وعلى رأسهم : زوجته ، وقد قال تعالى (
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى
بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ من الآية 34 .
قال الشيخ محمد الشربيني – رحمه الله - :
( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) أي : يقومون عليهنّ قيام الولاة على
الرعية ، وعلَّل ذلك بأمرين : أحدهما وهبيّ ، والآخر كسبيّ ، وقد ذكر الأوّل بقوله
تعالى : ( بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) أي : بسبب تفضيله الرجال
على النساء بكمال العقل ، وحسن التدبير ، ومزيد القوّة في الأعمال والطاعات ، ولذلك
خُصوا بالنبوّة ، والإمامة ، والولاية ، وإقامة الشعائر ، والشهادة في مجامع
القضايا ، ووجوب الجهاد ، والجمعة ، والتعصيب ، وزيادة السهم في الميراث ،
والاستبداد بالفراق والرجعة وعدد الأزواج ، وإليهم الانتساب ، وهم أصحاب اللحى
والعمائم .
ثم ذكر الثاني بقوله تعالى : ( وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) في نكاحهنّ
، كالمهر ، والنفقة .
" تفسير السراج المنير " ( 1 / 345 ) .
وتجدين ضوابط عمل المرأة في أجوبة الأسئلة : (
6666 ) و (
20140 ) و (
22397 ) و (
33710 ) و (
106815 ) فلتنظر .
وفي جواب السؤال رقم ( 119402 )
رددنا على من قال " إن بقاء المرأة في بيتها تعطيل لنصف المجتمع ! " وهو جواب مهم .
سابعاً:
وأما بخصوص ضرب الزوجة : فقد سبق والكلام عنه في جواب السؤال رقم (150762).
ثامناً:
وأما بخصوص تشريع الطلاق في الإسلام فهو غاية في الحكمة :
1. فمن حيث أصل تشريعه فإن فيه فك عقد الوثاق بين الزوجين إذا تعذر الوئام بينهما ،
ولو أن الطلاق لم يشرَّع – كما هو الحال في بعض الديانات - : لوقعت مفاسد كثيرة في
حياة الناس ، فماذا يفعل من يرى خيانة زوجته لفراش الزوجية أمام ناظريه ؟ وماذا
تفعل المرأة في حال خيانة زوجها أو ضربه لها ؟ وكيف يتم التخلص من الشريك صاحب
الضرر ؟ لذا يلجأ أولئك المظلومون المقهورون لقتل الطرف الآخر أحياناً ، أو لفعل
الأمر نفسه الذي يفعله شريكه ، فترى الزوجة تحضر عشيقها لبيت الزوجية ! وهو في
المقابل يحضر عشيقته لبيته ! فأي حياة يمكن تخيلها وهي في هذا الواقع المر الأليم ؟
.
2. ومن حيث تشريع العدد فإنه غاية في الحكمة أيضاً ، فقد يتسرع الزوج فيقع منه
تطليق لزوجته ، وقد يكون هناك سبب يدعوه لذلك ، ثم يزول السبب ، أو يزول الغضب ،
فلو أن عقد الزوجية يُحكم عليه بالزوال من أول مرة لتسارع الهدم إلى البيوت ،
ولتشتت شمل الأسر ، فلذا لم يكن الطلاق مرة واحدة ، وأيضاً ليس هو إلى ما لا نهاية
؛ لأن فيه إضراراً بالزوجة وإهانة لها ، والزوج الذي يطلق ثلاث مرات ليس أهلاً
للبقاء معه ، لذا كان الطلاق الذي يملك فيه الزوج الرجعة : مرتين ، فإذا أوقع
الثالثة حرمت عليه زوجته ، فكان تشريع الطلاق بعدد الثلاث غاية في الحكمة .
قال الشيخ الطاهور بن عاشور - رحمه الله - :
وحكمة هذا التشريع العظيم : ردع الأزواج عن الاستخفاف بحقوق أزواجهم ، وجعلهن
لُعباً في بيوتهم ، فجعل للزوج الطلقة الأولى هفوة ، والثانية تجربة ، والثالثة
فراقاً ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث موسى والخضر : ( فَكَانَتْ
الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَاناً وَالثَّانِيَة شَرْطاً والثَّالثَةُ عَمْداً ،
فَلذلك قال له الخضر في الثالث : ( هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنك ) الكهف/ 78 -
رواه أحمد ( 35 / 56 ) وصححه المحققون - .
" التحرير والتنوير " ( 2 / 415 ) .
3. ومن حيث كون الطلاق بيد الزوج : أيضاً هو في غاية الحكمة ؛ فإن المرأة تعتريها
العاطفة كثيراً ، وفي كثير من الأحيان تغلبها على جانب العقل ، فلو كان الطلاق بيد
النساء لرأيت الأسرة مفرقة مشتتة لكثرة ما سيقع من طلاق .
قال ابن الهمام الحنفي - رحمه الله - :
ومنها جعله بيد الرجال دون النساء لاختصاصهن بنقصان العقل وغلبة الهوى ، وعن ذلك
ساء اختيارهن وسرع اغترارهن ، ونقصان الدين ، وعنه كان أكثر شغلهن بالدنيا وترتيب
المكايد وإفشاء سر الأزواج وغير ذلك .
انظر " شرح فتح القدير " ( 3 / 465 ) للشيخ كمال الدين السيواسي .
ونرجو من الأخت السائلة النظر في جواب السؤال (
118362 ) ففيه إجابات على اعتراضات
زوجة على أحكام شرعية كثيرة تتعلق بالحياة الزوجية .
وبعد ، فالمأمول أن نكون قد وفقنا في الإجابة على ما عندك من تساؤلات ، فإن بقي عندك شيء منها ، فسوف نكون سعداء إذا عاودت مراسلتنا مرة أخرى .
والله أعلم