الحمد لله.
اختلف أهل العلم فيمن يملك نصاب الزكاة من المال وحال عليه الحول ، ولكن عليه ديون تستغرق هذا النصاب أو تنقصه ، فهل يؤدي زكاة ماله أم لا ، على قولين :
القول الأول : تجب عليه الزكاة ، ولا يمنع الدَّيْنُ وجوبها : وهو مذهب الشافعية .
القول الثاني : لا تجب عليه الزكاة ، والدَّينُ عذر يسقط الوجوب : وهو قول المذاهب الثلاثة : الحنفية والمالكية والحنابلة ، على تفصيل بينهم بين الأموال الظاهرة ( النقد ) ، والأموال الباطنة ، وبين الدين الحال ، والدين المؤجل .
قال المرغيناني الحنفي في "الهداية" :
" ومن كان عليه دين يُحيط بماله فلا زكاة عليه ؛ لأنه مشغول بحاجته الأصلية ، فاعتبر معدوما " انتهى .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/633) :
" الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة رواية واحدة ، وهي الأثمان وعروض التجارة ، وبه قال عطاء , وسليمان بن يسار ، وميمون بن مهران ، والحسن , والنخعي ، والليث ، ومالك , والثوري ، والأوزاعي ، وإسحاق , وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .
وقال ربيعة ، وحماد بن أبى سليمان , والشافعي في جديد قوليه : لا يمنع الزكاة ؛ لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت عليه الزكاة ، كمن لا دين عليه " انتهى .
وقد أطال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح المسألة ، وذِكرِ أدلة الفريقين في كتابه "الشرح الممتع" (5/33-40) ، ثم قال :
" والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ولو كان عليه دين يُنقص النصاب ، إلا دينا وجب قبل حلول الزكاة ، فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده ، وبذلك تبرأ الذمة ، ونحن إذا قلنا بهذا القول نحث المدينين على الوفاء ، فإذا قلنا لمن عليه مائة ألف دَيْنًا ولديه مائة وخمسون ألفا والدين حال : أَدِّ الدين وإلا أوجبنا عليك الزكاة بمائة ألف ، فهنا يقول : أؤدي الدين ؛ لأن الدين لن أؤديه مرتين .
وهذا الذي اخترناه هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز ، والذي يفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله .
وهذا الذي رجحناه أبرأ للذمة ، وأحوط ، والحمد لله ، " ما نقصت صدقة من مال " كما يقوله المعصوم عليه الصلاة والسلام " انتهى .
كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (22426)
فمن أحب الاستزادة فليرجع إليه .
أما زكاة الأسهم ، فإذا كانت هذه الأسهم يتخذها للتجارة ، يشتري أسهماً ثم يبيعها ليربح فيها ، فهي عروض تجارة ، يقومها كل سنة بما تساويه ، ويخرج زكاتها 2.5 بالمائة .
أما إذا كانت الأسهم ليست للتجارة ، وإنما يبقيها ليستفيد من أرباحها السنوية ، فهذه الأرباح فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول ، أما إذا كان ينفقها أولاً بأول ، فلا زكاة فيها ، وأما زكاة أسهمها ، فلا زكاة فيها من حيث الأصل ، لأنها ليست عروض تجارة ، لكن هناك تفصيل وتفريق بين الشركات التجارية والصناعية والزراعية سبق بيانه في جواب السؤال رقم (69912) .
والله أعلم .
تعليق