الحمد لله.
لا حرج عليك في الدعاء للمولود أو المولودة الجديدة بقولك : " الله يصلحها ، وينبتها نباتا حسنا ، ويجعلها بارة بوالديها "، فالأفعال المضارعة فيها تدل على الاستقبال ، بمعنى أنها إذا كبرت وبلغت مبلغ الراشدين بلغت صالحة مصلحة بارة بوالديها ، كما قال ابن الوراق (ت381هـ) في كتابه " علل النحو " (1/563): " الْفِعْل الْمُضَارع يصلح لزمانين [يعني الحال والاستقبال]". ويقول الزمخشري (ت538هـ) رحمه الله : " يشترك فيه الحاضر والمستقبل " .
انتهى من " المفصل في صنعة الإعراب " (ص/321) .
ثم إن صيغة التهنئة بالمولود الجديد لم تثبت فيها سنة نبوية خاصة ، وإنما ورد فيها أثر يرويه علي بن الجعد في " المسند " (ص/488) فيقول : " أخبرني الهيثم بن جماز قال : قال رجل عند الحسن : يهنيك الفارس . فقال الحسن : وما يهنيك الفارس ؟ لعله أن يكون بقَّارا أو حَمَّارا ، ولكن قل : شكرت الواهب ، وبورك لك في الموهوب ، وبلغ أشده ، ورزقت بره " .
وإسناده ضعيف بسبب الهيثم بن جماز ، ضعفه يحيى بن معين . وقال أحمد بن حنبل : تركه الناس . وقال النسائي : متروك . ينظر " لسان الميزان " (8/352).
ولكن له متابعة - فيها ضعف - يرويها ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (59/276) من طريق معاوية بن محمد الأذري ، أن أحمد بن إبراهيم بن بكار القرشي ، حدثهم نا سعيد بن نصير ، نا كثير بن هشام ، نا كلثوم بن جوشن ، قال : جاء رجل عند الحسن... فذكره .
ولكن لما كان الأصل في ألفاظ الدعاء خارج العبادات هو الإطلاق وعدم التقييد ، فيتخير الداعي من الدعاء أعجبه ، وأوفاه بمقصوده : استحب العلماء الدعاء بما ورد عن الحسن البصري ، كما ذكره الإمام النووي في " المجموع " (8/443) ، وفي " الأذكار " (ص/289)، وذكره ابن قدامة في " المغني " (9/464).
كما استحبوا الدعاء بما ورد عن أيوب السختياني رحمه الله أنه كان إذا هنأ بمولود قال : " جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد " رواه ابن أبي الدنيا في " العيال " (رقم/202) قال : حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، قال كان أيوب ... فذكره . وأخرجه الطبراني في " الدعاء " (1/294) .
وقد وردت هذه الصيغة عن الحسن البصري أيضا بإسناد حسن ، روى ذلك الطبراني في " الدعاء " (ص/1243) وحسن إسناده محقق الكتاب الدكتور محمد البخاري .
قال الطبراني : حدثنا يحي بن عثمان بن صالح ، ثنا عمرو بن الربيع بن طارق ، ثنا السري بن يحيى : " أن رجلا ممن كان يجالس الحسن ولد له ابن ، فهنأه رجل فقال : ليهنك الفارس ، فقال الحسن : وما يدريك أنه فارس ! لعله نجار ، لعله خياط . قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : جعله الله مباركا عليك وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم " .
نسأل الله تعالى أن يجعل أبناء المسلمين جميعا بركة على والديهم وعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
والله أعلم .
تعليق