الحمد لله.
أولا :
ينبغي لمن يواجه المشكلات عموما أو يخشى من تأثيرات الشياطين أو السحرة خصوصا ، أن
يزداد حرصه على التمسك بما أوجب الله عليه من الفرائض ، والمداومة المستمرة الدؤوبة
على الأذكار والتحصينات ، التي أرشدنا إليها نبينا الناصح الأمين صلوات الله وسلامه
عليه ، فمن التزم ذلك ، فإن الله يكفيه ويحميه ويحرسه ، ولن يضره سحر لم يأذن الله
به .
قال تعالى : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) ، فأثبت لهم الضر ، لكن
بإذن الله وتقديره ومشيئته .
وروى الترمذي (2516) وصححه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال له : ( ... وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ
لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا
بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ
بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجعلوا
بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفِر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) رواه مسلم (
780 ) .
وعن أبي أمامة الباهلي رضي
الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرءوا سورة البقرة ،
فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البَطَلة [ أي : السحرة ] ) رواه مسلم
(804) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" الطريق للتخلص أن يعلق الإنسان قلبه بربه ، ويفوض أمره إليه ، ويحقق التوكل على
الله ، ويستعمل الأوراد الشرعية التي بها يحصن نفسه ويحفظها من شر هؤلاء ، وما كثر
الأمر في الناس في الآونة الأخيرة من السحرة والحساد وما أشبه ذلك إلا من أجل
غفلتهم عن الله ، وضعف توكلهم على الله عز وجل ، وقلة استعمالهم للأوراد الشرعية
التي بها يتحصنون ، وإلا فنحن نعلم أن الأوراد الشرعية حصن منيع ، أشد من سد يأجوج
ومأجوج ، لكن مع الأسف أن كثيرا من الناس لا يعرف عن هذه الأوراد شيئا ، ومن عرف
فقد يغفل كثيرا ، ومن قرأها فقلبه غير حاضر ، وكل هذا نقص ، ولو أن الناس استعملوا
الأوراد على ما جاءت به الشريعة ؛ لسلموا من شرور كثيرة " انتهى من " تفسير جزء عم
" لابن عثيمين (ص354) .
ثانيا :
بعض الناس سريع إلى الأوهام والظنون ، فبمجرد حصول مشكلة أو تعطل مصلحة ، فإنه
يبادر إلى توهم السحر ، ويغلب عليه هذا الظن حتى يصير بمنزلة اليقين عنده ، وربما
كان في الحقيقة مجرد توهم لا أصل له ، فيضر نفسه من حيث يظن أنه ينفعها .
وهذا لا يمنع وجود السحر وحصوله ، ولكن الغالب أن أسباب المشاكل إما أن تكون دينية
، أو دنيوية محسوسة معلومة ، هذا هو الغالب .
ولذلك كان بعض السلف يقول :
" إني لأرى آثار معصيتي في دابتي وزوجتي " فالمعاصي والذنوب ، من أهم أسباب الفتن
والمشاكل ، كما أن الطاعة سبب للسكينة وصلاح ذات البين .
أما إرجاع المشاكل إلى أسباب تتعلق بتأثيرات السحر ونحوها ، فقد يكون في كثير من
الأحيان هروبا من الواقع ، وتملصا من المسؤولية الملقاة على العاتق ، وتبريرا
للتصرفات الخاطئة التي يرتكبها الإنسان .
وقد سألت امرأة الشيخ ابن باز رحمه الله ، فقالت : أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة ، ولم أتزوج بعد ، وعندي شك بأنني مسحورة ، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه ؟
فأجاب : " هذه يا بنتي أوهام ، لا ينبغي لك أن تعتقديها ، هذه أوهام وليست سحرا ، ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم ، توهموا أشياء ، فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا ، نعم ، السحر موجود وله أسباب ، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة ، أو طول المرض يدل على السحر ، فقد يقع بأسباب أخرى ، وإذا كنت شعرت من أحد ، أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك : تعالجي ، والحمد لله ، العلاج موجود في كلام الله ، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأحسن علاج وأولى علاج القرآن الكريم ، وتلاوة الآيات والنفث بها ، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله " من " فتاوى نور على الدرب " (3/307) .
وللاستفادة في طرق علاج السحر ، يرجى مراجعة الأسئلة : (12918) ، (11290) .
ثالثا :
هذا الرجل الذي يستعين بالجن لا يجوز الذهاب إليه ولا الاعتماد على قوله .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (121234)
، وجواب السؤال رقم : (6846) .
والنصيحة لكم : أن تحرصوا على رقية أنفسكم بأنفسكم ، وأن تحصنوا بيوتكم بأنفسكم ، فتكثروا فيها من قراءة القرآن ، وخاصة سورة البقرة ، فإن قراءتها تطرد الشياطين من البيوت ، كما جاءت بذلك الأحاديث ، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (201326) .
فإن أبيتم إلا الذهاب إلى الرقاة ، فليكن راقيا معروفا ، مشهودا له بالصلاح والتقوى .
رابعا :
هذا الخاتم الذي قرأ عليه يعتبر من التمائم ، فلا يجوز لبسه ، وقد روى الإمام أحمد
(16951) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له ) .
وقد سبق بيان أحكام تعليق
التمائم والحروز بشيء من التفصيل في جواب السؤال رقم : (10543)
فليراجع .
والله أعلم .