ملخص أنواع النذر وأحكامه

24-06-2000

السؤال 2587

ما حكم الشريعة في النذر؟

ملخص الجواب:

- النذر هو إيجاب المكلف على نفسه شيئا لم يكن عليه سواء كان منجّزا أو معلقا.

- الوفاء بالنذر المشروع واجب لقوله تعالى ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم الحج)

- النذر أنواع: 1- نذر يجب الوفاء به وهو نذر الطاعة. 2- ونذر لا يجوز الوفاء به وفيه كفارة يمين وهو نذر المعصية وكل نذر صادم نصا ونذر لا حكم له سوى كفارة اليمين ونذر فيه الخيار بين الوفاء أو كفارة اليمين.

الجواب

الحمد لله.

إليكِ أيتها السّائلة بيانا في موضوع النّذر يشتمل على أنواعه وأحكامه الأساسية ينفعك وينفع غيرك من القرّاء إن شاء الله تعالى:

ما هو النذر؟

قال الأصفهاني رحمه الله في مفردات ألفاظ القرآن (ص797): النَّذْر: أن توجب على نفسك ما ليس بواجب لحدوث أمر، قال تعالى:  إني نذرت للرحمن صوما مريم: 26.ا.هـ.

فالنذر هو إيجاب المكلف على نفسه شيئا لم يكن عليه، سواء كان منجّزا أو معلقا.

وقد جاء ذكر النذر في كتاب الله في مقام المدح قال تعالى عن عباده المؤمنين:  إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا۝ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا۝ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا الدهر: 5-7.

فجعل - تبارك وتعالى - خوفهم من أهوال يوم القيامة ووفاءهم بنذورهم من أسباب نجاتهم ودخولهم الجنة.

حكم النذر

الوفاء بالنذر المشروع واجب لقوله تعالى:  ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم الحج: 29.

قال الإمام الشوكاني: والأمر للوجوب.

الأحاديث النبوية حول النذر وكراهته

وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة في النهي عن النذر وبيان كراهته عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تَنْذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل رواه مسلم برقم 3096.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن النذر ويقول: إنه لا يرد شيئا، وإنما يستخرج به من الشحيح رواه البخاري ومسلم.

الفرق بين النذر الممدوح والمنهي عنه

فإن قال قائل كيف يمدح الموفين بالنّذر ثم ينهى عنه فالجواب أنّ النّذر الممدوح هو نذر الطّاعة المجرّد دون تعليقه على شيء يُلزم الإنسان نفسه به حملا لها عن الطّاعة ومنعا للتقاعس والكسل أو شكرا على نعمة.

وأما النّذر المنهي عنه فأنواع منها نذر المعاوضة الذي يُعلّق فيه الناذر الطّاعة على حصول شيء أو دفع شيء بحيث لو لم يحصل لم يقم بالطّاعة وهذا محلّ النّهي

ولعل الحكمة في ذلك تكمن في العلل التالية:

أنواع النذر من حيث وجوب الوفاء

  1. نذر يجب الوفاء به (نذر الطاعة): وهو كل نذر كان في طاعة الله عزوجل كنذر الصلاة والصوم والعمرة والحج وصلة الرحم والاعتكاف والجهاد والأمر بمعروف والنهي عن منكر كأن يقول: لله عليَّ أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا أو كأن يقول لله عليَّ أن أحج هذا العام أو أصلي ركعتين في المسجد الحرام شكرا لله على ما أنعم به علي من شفاء مريضي. أو كان على سبيل التعليق كأن ينذر نذرا يتقرب به الى الله تعالى معلقا بشيء ينتفع به يفعله إذا حصل له ذلك الشيء فيقول إن قدم غائبي أو كفاني الله شر عدوي فعليّ صوم كذا أو صدقة كذا.

قال النبي صلى الله عليه وسلم:  من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه رواه البخاري 6202.

ولو نذر المرءُ نذراً فيه طاعة ثمّ طرأ من الظروف ما أعاقه عن الاقتدار على الوفاء بنذره، كأن نذرَ أن يصوم شهرا، أو يحج أو يعتمر ولكنّ مرضا أصابه، فمنعه القدرة على الصوم أو الحج أو الاعتمار أو يكون قد نذر صدقة ولكنه افتقر بما يحول بينه وبين إنفاذ ما نذر فإنه والحالة هذه ينتقل إلى التكفير عن نذره بكفارة يمين كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة اليمين. رواه أبوداود وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده صحيح، والحفّاظ رجحوا وقفه.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (33/49): فإذا قصد الإنسان أن ينذر لله طاعة، فعليه الوفاء به، لكن إذا لم يوف بالنذر لله، فعليه كفارة يمين عند اكثر السلف.

2. نذر لا يجوز الوفاء به وفيه كفارة يمين: ويشمل هذا النوع من النذر:

وروى الإمام أحمد عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ يَمْشِي بِمِنًى فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَمَا تَرَى قَالَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَظَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فَقَالَ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثُلاثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ فَمَا زَادَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَسْنَدَ فِي الْجَبَلِ. قال الحافظ ابن حجر: انعقد الإجماع على أنه لا يجوز له أن يصوم يوم الفطر ولا يوم النحر لا تطوعا ولا نذرا.

  1. نذر اللَّجَاج والغضب: وهو كل نذر يخرج مخرج اليمين للحث على فعل شيء أو المنع منه أو التصديق أو التكذيب غير قاصد صاحبه للنذر ولا للقربة على وجه التحقيق، وذلك كأن يقول الرجل في غضب: (إن فعلت كذا فعلي حجة أو صوم شهر، أو التصدق بألف دينار)، أو يقول: (إن كلّمت فلانا فعلي عتق هذا العبد، أو تطليق زوجتي) ونحو ذلك، ثم يفعله، وهو لايريد من وراء ذلك كله سوى التوكيد على أن لن يفعل هذا الأمر، ليس غيره، في حين أن حقيقة مقصوده، أن لا يفعل الشرط ولا يوقع الجزاء. ويُخيّر في مثل هذا النذر
  2. الذي يكون حاله المماحكة، أو إظهار الحث على ضرورة فعل الشيء أو عدمه - بين أن يفي بنذره، أو يكفر عنه بكفارة اليمين، باعتباره يمينا من حيث الجوهر. قال ابن تيمية: " إذا علق النذر على وجه اليمين، فقال: إن سافرت معكم فعليّ الحج، أو فمالي صدقة، أو فعليّ عتق، فهذا عند الصحابة وجمهور العلماء حلف النذر، ليس بناذر، فإذا لم يف بما التزمه، أجزأه كفارة يمين " وقال في موضع آخر: " موجب نذر اللجاج والغضب عندنا أحد شيئين على المشهور، إما التكفير، وإما فعل المعلّق، فإذا لم يلتزم الوجوب المعلق، ثبت وجوب الكفارة ".
  3. - نذر المباح: وهو كل نذر يتناول أمرا من أمور المباحات، كأن ينذر أن يلبس ثوبا بعينه، أو يأكل طعاما مخصوصا، أو يركب دابة بذاتها، أو أن يدخل بيتا محددا ونحو ذلك. عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة ـ وفي رواية: لأنه وُلِد له ولد ذكر ـ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:  هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟  قالوا: لا : هل كان فيها عيد من أعيادهم؟، قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك فإنه لاوفاء لنذر في معصية الله ولا فيما فيما لا يملك ابن آدم رواه أبو داود 2881.

وهذا الرجل نذر أن يذبح إبلا ببوانة (موضع وراء ينبع) شكرا لله تعالى، أن وهبه مولودا ذكرا، فأجاز له النبي صلى الله عليه وسلم أن يفي بنذره، ويذبح إبله في ذلك الموضع.

نسأل الله التوفيق لما يحبّ ويرضى وصلى الله على نبينا محمد

للحصول على تفاصيل أوفى، راجع الأجوبة التالية: (228331، 154219، 222188، 483363، 194650، 246843).

والله أعلم.

الأيمان والنذور
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب