الرجاء تسمية كل النساء اللواتي ضمنّ الجنّة؛ مثل عائشة، خديجة، أو مريم.
الحمد لله.
ثبت بالنص الصريح تبشير بعض النساء بالجنة، وهنَّ:
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "خَطَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ، قَالَ: تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ".
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ: خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ.
أخرجه أحمد في "المسند" (2668) وصححه إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/168) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1135).
خديجة بنت خويلد رضي الله عنها - زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
فعَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى: " أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ، فِيهِ وَلَا نَصَبَ ".
الْمُرَاد بِهِ بالقَصَب: لُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة وَاسِعَة كَالْقَصْرِ الْمَنِيف.
سمية بِنْت خياط أم عمار بن ياسر.
وقد كانت أمةً لأبي حُذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر حليفًا لأبي حذيفة، فزوجه سمية، فولدت له عَمَّارًا، فأعتقه أبو حذيفة.
وكانت ممن يعذب في الله عز وجل أشد العذاب، وهي أول شهيد في الإسلام.
جاء عَنْ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لأَبِي عَمَّارٍ، وَأُمِّ عَمَّارٍ: اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ.
رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (769)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/296): رجاله ثقات. وقال شعيب الأرناؤوط في "تخريج زاد المعاد" (3/20): رجاله رجال الصحيح غير بن عبد العزيز المقوم وهو ثقة.
عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها - زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. أخرجه الترمذي (3880) وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3431). وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (7 /1715): إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ حَفْصَةَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، طَلَّقْتَ حَفْصَةَ وَهِيَ صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَهِيَ زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ، فَرَاجِعْهَا " أخرجه الحاكم في "المستدرك" (6754)، وسكت عنه الذهبي. وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (4351).
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها.
ما جاء عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ....قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هَذَا مَلَكٌ لَمْ يَنْزِلِ الأَرْضَ قَطُّ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيَّ وَيُبَشِّرَنِي بِأَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ وَأَنَّ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ أخرجه الترمذي (3781) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ. وحسن إسناده ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (515/6)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4190).
أم زفر رضي الله عنها (المرأة السوداء التي كانت تُصرع):
قال عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ. فَقَالَتْ: أَصْبِرُ، فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا.
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قال أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ". أخرجه البخاري (5652)، ومسلم (2576).
أم حرام بِنْت ملحان رضي الله عنها:
فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ: مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ. فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ. كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ: أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ.
فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ.
أخرجه البخاري (2788)، ومسلم (1912).
قال ابن عبد البر، رحمه الله: " وأما قوله: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله: فإنه أراد، والله أعلم: أنه رأى الغزاة في البحر من أمته، ملوكا على الأسرة في الجنة؛ ورؤياه وحي صلى الله عليه وسلم. ويشهد لقوله: ملوكا على الأسرة ما ذكر الله عز وجل في الجنة بقوله: على الأرائك متكئون، قال أهل التفسير: الأرائك: السرر في الحجال. ومثله قوله عز وجل: على سرر متقابلين" انتهى، من "التمهيد" (1/232).
أم سليم رضي الله عنها:
فعَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. أخرجه مسلم (2456).
باقي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا هنَّ زوجاته في الجنة أيضًا.
كما في قوله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (الأحزاب/28، 29)
وروى البخاري (4786)، ومسلم (1475) أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: " لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي. فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ.
قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا [الأحزاب: 28]...(إِلَى أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 40[.
قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ.
والذي عليه جمهور المفسرين أن زوجاته اللائي خيرن في هذه الآية: تسع.
قال ابن كثير رحمه الله: " هذا أمر من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه، بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن، فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة...
قال عكرمة: وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وكانت تحته صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي النضرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، رضي الله عنهن وأرضاهن" انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/401(.
وينظر: "تفسير ابن عطية" (4/381)، "محاسن التأويل للقاسمي" (8/65)، "التفسير المنير للزحيلي" (21/290(.
وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 145051، 264320، 350824.
والله أعلم.