الحمد لله.
أولا :
أما أبو بكر رضي الله عنه فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة الكثيرة أنه من المبشرين بالجنة
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (5852)
ثانيا :
وأما عائشة رضي الله عنها فقد ورد أيضا في الأحاديث الصحيحة أنها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله ! مَن مِن أزواجك في الجنة ؟ قال : أما إنك منهن .
رواه الحاكم في " المستدرك " (4/14) وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وصححه الذهبي في " التلخيص ". وقال الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " (رقم/1142): " هو على شرط مسلم " انتهى.
وقد قال عمار بن ياسر رضي الله عنه :
(إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)
رواه البخاري (3772)
ثالثا :
وأما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ففضائلها كثيرة ، ومناقبها عظيمة ، ويكفيها أنها صاحبة اللقب الشريف : " ذات النطاقين "، حيث شقت نطاقها في قصة الهجرة خدمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق ، وهي من السابقين إلى الإسلام ، والله عز وجل يقول : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) الواقعة/10-11، ويقول سبحانه : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ) الحديد/10.
ولم نقف على حديث خاص في بشارتها رضي الله عنها بالجنة ، إلا ما ورد عن الزبير بن بكار أنه قال : ( وإنما سميت ذات النطاقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تجهَّز مهاجرا ومعه أبو بكر الصديق ، أتاهما عبد الله بن أبي بكر في الغار ليلا بسفرتهما ، ولم يكن لها شناق ، فشقت لها أسماء نطاقها فشنقتها به ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد أبدلك الله بنطاقك هذا في نطاقين في الجنة . فقيل لها ذات النطاقين )
رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (69/6)، ونقله ابن عبد البر في " الاستيعاب " (4/1782)، وابن حجر في " الإصابة " (7/487)
وهذا كما ترى مرسل غير مسند ، فالزبير بن بكار توفي سنة (256هـ)، ولم يذكر عمن سمع هذا الحديث .
رابعا :
وأما والدة عائشة رضي الله عنها ، فكنيتها التي اشتهرت بها أم رومان ، واختلف في اسمها ، فقيل : زينب ، وقيل : دعد ، وهي بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس ، كانت من السابقين الأولين إلى الإسلام .
قالت عائشة رضي الله عنها :
( لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ )
رواه البخاري (رقم/3905)
وأما الشهادة الخاصة لها بأنها من أهل الجنة فهذا ورد في حديث ضعيف مرسل :
عن القاسم بن محمد قال :
( لما دُلِّيَت أمُّ رومان في قبرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن سَرَّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان )
رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (8/277)، وأبو نعيم في " معرفة الصحابة " (6/3498) ، والسهمي في " تاريخ جرجان " (1/199) جميعهم : من طريق حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن القاسم بن محمد مرسلا .
وقد رواه بعض تلاميذ حماد بن سلمة مسندا من حديث عائشة ، غير أن العلماء حكموا بخطإ هذا الوجه ، وأن الصواب في الحديث هو الإرسال .
جاء في " العلل الواردة في الأحاديث النبوية " للدارقطني (13/360) :
وسئل عن حديث القاسم ، عن عائشة ، لما دليت أم رومان في قبرها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إليها .
فقال : يرويه حماد بن سلمة ، واختلف عنه :
فرواه سفيان بن وكيع ، عن ابن أبي عدي ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن عائشة .
وغيره يرويه ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن القاسم مرسلا ، وهو المحفوظ " انتهى .
والوجه المرفوع وجدته في جزء حديث أبي الفضل الزهري ، رقم : (239)
وقد روي الحديث من وجه آخر أيضا :
يقول أبو نعيم رحمه الله :
" رواه ابن مهدي ، عن حماد ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن أم سلمة " انتهى.
" معرفة الصحابة " (6/3498)
فجعله من مسند أم سلمة رضي الله عنها ، ولكن لم أقف على من خرج هذا الوجه ، ولا على تعليل أحد من العلماء له ، فالله أعلم بالصواب ، غير أن جزم الدارقطني في " العلل " بأن المحفوظ هو الإرسال ، يدل على عدم اعتبار الوجه المروي عن ابن مهدي ، وذلك أنه إن كان يعرفه فجزمه بأن المحفوظ هو الإرسال تخطئة له ، وإن كان لا يعرف الوجه المروي عن ابن مهدي فذلك دليل على غرابته إن لم نقل نكارته ، واحتمال الخطأ في مثله هو الغالب.
وعلى كل حال فالسند ضعيف أيضا بسبب علي بن زيد بن جدعان .
يقول الشيخ الألباني رحمه الله :
" هذا إسناد ضعيف ؛ فإنه - مع إرساله - فيه ضعف علي بن زيد ؛ وهو ابن جدعان " انتهى.
" السلسلة الضعيفة " (رقم/4603)
وقد أرسل هذا الحديث أيضا مصعب الزبيري – راوي السيرة المعروف – كما يروي الحاكم في " المستدرك " (3/538)
يراجع ترجمتها في " الإصابة " للحافظ ابن حجر (8/206)
والله أعلم .
تعليق