الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

لم تكن تعلم أن المذي ينقض الوضوء فهل تعيد الصلوات ؟

السؤال

هل تأثم المرأة في تفكيرها الجنسي قبل الزواج ؟ وهل تأثم بإنزال المذي ؟ لأنها تتأثر من أدنى شيء أرجو سرعة الرد فأنا قلقة ، لم أكن أعلم أن هناك شيئاً اسمه مذي ، ولم أكن أجدد وضوئي عند الإنزال .

الجواب

الحمد لله.

أولا :
لا تأثم المرأة بمجرد التفكير الجنسي ، ما لم يصحبه عمل أو نظر ، أو يتحول إلى عزم وإرادة جازمة ، وذلك لما جاء من العفو عن حديث النفس ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعمَلُوا بِهِ ) رواه البخاري ( 2528 ) ومسلم ( 127 ) .
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : " وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه : فمعفو عنه باتفاق العلماء ؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه " انتهى من "الأذكار" ( ص 345 ) .
وقال : " وسبب العفو ما ذكرناه من تعذر اجتنابه ، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه ، فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ".
ولاشك أن الاسترسال في هذه الخواطر والأفكار ، قد يفضي إلى الحرام ، طلبا لتفريغ الشهوة ، قيقع الإنسان في الاستمناء ، أو تتبع الصور المحرمة ، أو غير ذلك .
ولهذا ينبغي أن تدعي التفكير في هذه الأمور ، وأن تصرفي ذهنك عنها ، وأن تشغلي نفسك بطاعة الله تعالى ، وما ينفعك في أمور دينك ودنياك .
وانظر جواب السؤال رقم (20161)
ثانيا :
المذي يخرج عادة عند ثوران الشهوة ، وهو نجس ناقض للوضوء ، لكن نجاسته مخففة فيكفي في تطهيره غسل الفرج ورشّ الثوب بالماء .
وينظر جواب السؤال رقم (2458) و (99507) .
وإذا خرج المذي لمجرد التفكير العابر ، لم يأثم صاحبه .
ثالثا :
إذا كنت تجهلين أمر المذي ، وكونه ناقضا للوضوء ، وكنت تصلين بعض الصلوات مع وجوده ، فإن صلاتك صحيحة على القول الراجح ، لكونك معذورة بالجهل .
وهكذا من جهل بعض نواقض الوضوء ، كمن جهل أن لحم الإبل ينقض الوضوء ، ثم صلى ، فإن صلاته صحيحة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص ، مثل : أن يأكل لحم الإبل ولا يتوضأ ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء ، أو يصلي في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص : فهل عليه إعادة ما مضى ؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد .
ونظيره : أن يمس ذَكَره ويصلى ، ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر .
والصحيح في جميع هذه المسائل : عدم وجوب الإعادة ؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ؛ ولأنه قال : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، فمن لم يبلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شيءٍ معيَّنٍ : لم يثبت حكم وجوبه عليه ، ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمَّاراً لما أجْنبا فلم يصلِّ عمر وصلَّى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما ، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أياماً لا يصلي ، وكذلك لم يأمر مَن أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء ، كما لم يأمر مَن صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء .
ومن هذا الباب : المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها ، ففي وجوب القضاء عليها قولان ، أحدهما : لا إعادة عليها – كما نقل عن مالك وغيره - ؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ( إني حضت حيضةً شديدةً كبيرةً منكرةً منعتني الصلاة والصيام ) أمرها بما يجب في المستقبل ، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي " انتهى من "مجموع الفتاوى" ( 21 / 101).
نسأل الله لك التوفيق والسداد ، والعفة والإحصان .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب