الحمد لله.
أولاً:
( النيكوتين ) مركب عضوي ، شبه قلوي ، سام ، يعد من أخطر المواد المضرة الموجودة في التبغ - الدخان - ، وهي المادة التي تسبب الإدمان لدى المدخنين ، لذلك حرص العلماء على إيجاد البدائل التي تعين المدخن على التخلص من إدمان ( النيكوتين ) الضار ، وذلك بتصنيع ( النيكوتين ) المخفف والمحسن ، ليؤخذ على شكل أقراص ، أو لبان ، أو أعواد كالسجائر ، أو لصقات تحتوي على كميات متفاوتة من هذه المادة ، ليتدرج المدخن في استعمال البدائل كي يتمكن من التوقف عن التدخين لأطول فترة ممكنة ، دون التعرض لأعراض الانسحاب التي تنتج عن التوقف المفاجئ عن التدخين ، والتي غالبا ما تضطر المدخن للعودة إلى التدخين كي يتخلص من تلك الأعراض .
ثانياً :
لاصقة ( النيكوتين ) عبارة عن شريط مطاطي لاصق ، ينبعث منه النيكوتين على هيئة مادة لزجة ( جل ) ، يمتصها الجلد ، ثم تنتقل عبر الشعيرات الدموية إلى الدم ، فتساعد المدخن على التخلص من أعراض الانسحاب ، وتوجد ثلاث درجات للاصقة النيكوتين من حيث قوة تأثيرها : 5 ، 10 ، 15 ملجم ، وتلصق عادة على الجزء العلوي من الذراع ، وفترة بقائها على الجلد 16 ساعة فقط فى اليوم ، ولا تستخدم عند النوم ، وقد تظهر معها بعض الأعراض الجانبية المضرة : كاضطراب ضربات القلب ، والغثيان ، والضعف العام .
ثالثاً:
أما حكم استعمالها : فهو الجواز إن شاء الله تعالى ، إلا إذا أدت لضرر محقق فينهى عنها حينئذ ، والأمر فيها راجع إلى تقدير الطبيب المؤتمن .
وإذا استعملها الإنسان وهو صائم فلا يؤثر ذلك على صيامه .
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " ( رقم / 93 ) :
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات :... وعدَّ منها :
ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد : كالدهونات ، والمراهم ، واللصقات العلاجية الجلدية المحمَّلة بالمواد الدوائية ، أو الكيميائية" انتهى باختصار .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
يباع في بعض الصيدليات لصقة طبية ، توضع على الجسم ، تعطي الجسم حاجته من ( النيكوتين ) إلى أربعة وعشرين ساعة ، كخطوات للإقلاع عن التدخين .
السؤال : إذا وضعت في الليل لمدة أربع وعشرين ساعة ، ثم توضع غيرها ، فهل يكون الإنسان مفطراً في رمضان عند استخدامه لها ؟ .
فأجاب:
"لا يكون مفطراً في رمضان ، وله أن يستعملها ، بل قد يجب أن يستعملها إذا كان هذا طريقاً إلى الكف عن استعمال الدخان ، ولا بأس للإنسان أن يترك المحرم شيئاً فشيئاً ؛ لأن الله تعالى لما أراد تحريم الخمر لم يحرمه بتاتاً مرة واحدة ، بل جعل ذلك درجات ، فأباحه أولاً ، ثم بين أن مضرته أكثر ، ثم نهى عنه في وقت من الأوقات ، ثم نهى عنه مطلقاً ، فالمراتب أربع :
1. أحله في قوله تعالى : ( وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ) النحل/ 67 ، وهذا في سياق الامتنان ، فيكون حلالاً .
2. عرَّض بتحريمه في قوله : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/ 219 .
3. منعه في وقت من الأوقات : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ) النساء/ 43 ، وهذا يقتضي أن نتركه عند الصلاة .
4. وحرَّمه بتاتاً في قوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) المائدة/ 90 .
ولهذا نزل تحريم الخمر وآنية الصحابة مملوءة من الخمر ، حتى خرجوا بها إلى الأسواق وأراقوها في الأسواق ، وسبحان الله فما الفرق بيننا وبينهم ؟ الفرق بيننا وبينهم في الامتثال كالفرق بين زمانهم وزماننا ، لم يتلكأوا ، لم يقولوا نشرب ما بقي في الأواني ، أبداً ، تدار بينهم الكئوس فخرجوا وأراقوها في الأسواق ، امتنعوا منعاً باتاً ، ولم يقولوا : إنا قد اعتدنا على هذا وما أشبه ذلك ، لا ، تركوه نهائيّاً ؛ لأن عندهم من العزيمة ما يسهل عليهم الشدائد " .
" الجلسات الرمضانية " ( عام 1415هـ 1 / سؤال رقم 10 ) .
رابعاً:
لا حرج على من صلَّى واللصقة على جسده ، إذ ليس فيها شيء من النجاسة كي تؤثر على صحة الصلاة ، كما أنها توضع على العضد ، وهو موضع لا يحتاج إلى غسله في الوضوء .
وإنما تجب إزالتها إذا أراد الاغتسال من الجنابة .
ونسأل الله تعالى أن يعينك على ترك هذا المحرم الخبيث .
والله أعلم
تعليق