نص الجواب
الحمد لله
الحلق أو التقصير من واجبات العمرة ، وليس على النساء حلق ، وإنما المشروع لهن
التقصير.
ويلزم التقصير من جميع الشعر ، على الراجح ، وهو مذهب المالكية والحنابلة ، فإن كان
لها ضفائر أخذت من أطرافها جميعاً ، وإلا جمعت شعرها وأخذت من جميعه ، والمستحب أن
تأخذ قدر أنملة ، ولها أن تقصر أقل من ذلك ؛ لأنه لم يرد تحديد له في الشرع .
قال الباجي رحمه الله في "المنتقى" (3/29) : " وأما المرأة فإنها إذا أرادت الإحرام
أخذت من قرونها لتقصر فإذا حلت قصرت .
وكم مقدار ما تقصر ؟ روي عن ابن عمر أنه قال : مقدار أنملة . وقد روى ابن حبيب عن
مالك قدر الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل . قال مالك : ليس لذلك عندنا حد
معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره "
انتهى باختصار .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع
شعره , وكذلك المرأة . نص عليه . وبه قال مالك " انتهى .
وقال : " وأي قدر قصّر منه أجزأه . وقال أحمد : يقصر قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر
, والشافعي , وإسحاق , وأبي ثور . وهذا محمول على الاستحباب ; لقول ابن عمر "
انتهى .
وقال في (3/226) : " والمرأة تقصر من شعرها مقدار الأنملة . الأنملة : رأس الإصبع
من المفصل الأعلى . والمشروع للمرأة التقصير دون الحلق . لا خلاف في ذلك . قال ابن
المنذر : أجمع على هذا أهل العلم . وقد روى ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس على النساء حلق , إنما على النساء التقصير )
رواه أبو داود . وعن علي رضي الله عنه قال : ( نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها ) رواه الترمذي .
وكان أحمد يقول : تقصر من كل قرن قدر الأنملة . وهو قول ابن عمر , والشافعي ,
وإسحاق , وأبي ثور . وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها ؟
قال : نعم , تجمع شعرها إلى مقدم رأسها , ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة "
انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (7/329) : " قوله: " وتقصر منه
المرأة قدر أنملة " ، أي : أنملة الأصبع وهي مفصل الإصبع ، أي أن المرأة تمسك ضفائر
رأسها إن كان لها ضفائر ، أو بأطرافه إن لم يكن لها ضفائر ، وتقص قدر أنملة ،
ومقدار ذلك اثنان سنتيمتر تقريباً ، وأما ما اشتهر عند النساء أن الأنملة أن تطوي
المرأة طرف شعرها على إصبعها فمتى التقى الطرفان فذاك الواجب فغير صحيح "
انتهى .
وبناء على ذلك ، فمن قصرت من خصلة واحدة فإنها لم تقصر التقصير المعتبر ، ويلزمها
الآن أن تقصر من شعرها على نحو ما ذكرنا ، ولا شيء عليها فيما ارتكبته من محظورات
الإحرام فيما سبق .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في امرأة لم تتم عمرتها : " وأما ما فعلته من
المحظورات ولنفرض أن زوجها جامعها والجماع في النسك هو أعظم المحظورات فإنه لا شيء
عليها ، لأنها جاهلة ، وكل إنسان يفعل محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً
أو مكرهاً فلا شيء عليه " انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (21/351) باختصار
.
وسئل رحمه الله عن : رجل قصر شعره من جانب واحد بعد العمرة ، ثم رجع إلى أهله وتبين
له أن فعله غير صحيح ، فماذا عليه ؟ فأجاب : " إن فعل هذا الأمر جاهلاً فالواجب
عليه أن يخلع ملابسه الآن ( ويلبس إحرامه ) ويحلق حلقاً كاملاً أو يقصر ، ويكون ما
فعله في محل العفو ؛ لأنه كان جاهلاً ، والحلق أو التقصير لا يشترط أن يكون في مكة
، بل يكون في مكة وفي غيرها . أما إن كان ما فعله بناءً على فتوى من أحد العلماء ،
فليس عليه شئ ؛ لأن الله يقول ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وبعض
العلماء يرى : أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس " انتهى من
"اللقاء الشهري" رقم 10 .
والمرأة لا يلزمها أن تخلع ملابسها قبل التقصير ؛ لأنه لا يحرم عليها لبس الثياب
المعتادة في الإحرام ، وإنما تمنع فقط من النقاب والقفازين .
والله أعلم .
المصدر: الإسلام سؤال وجواب
تعليق