الحمد لله.
أولا :
المبيت بمزدلفة واجب عند جمهور العلماء ، وذهب بعضهم إلى أنه ركن .
واختُلف في القدر الواجب على أقوال ، ومذهب الشافعية والحنابلة : أن الوجود بمزدلفة واجب ولو لحظة , بشرط أن يكون ذلك في النصف الثاني من الليل بعد الوقوف بعرفة , ولا يشترط المكث , بل يكفي مجرد المرور بها .
فإذا كنتم دخلتم داخل حدود مزدلفة ولو لحظة فيما بين منتصف الليل إلى الفجر ، فقد أتيتم بالواجب .
وإن لم تتمكنوا من دخول مزدلفة ، لزحمة السير ، فلا شيء عليكم ؛ لأن الواجبات تسقط بالعذر ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : لم نستطع المبيت في مزدلفة لأننا لم نجد مكاناً إلا على الطريق ولا يسمحون لأحد بالوقوف على الطريق. فانصرفنا إلى منى فهل علينا شيء ؟
فأجاب : "إن كان لم يجد مكاناً في مزدلفة أو منعه الجنود من النزول بها فلا شيء عليه ؛ لقول الله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وإن كان ذلك على تساهل منه فعليه دم مع التوبة" انتهى من "فتاوى ابن باز" (17/287).
وينظر جواب السؤال رقم 14632 .
ثانيا :
قد أخطأتم خطأ عظيما بتأخير الصلاة عن وقتها ؛ لأن ذلك محرم ، بل كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) النساء / 103، وقال سبحانه : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59 ، والسنة تأخير المغرب وجمعها مع العشاء في مزدلفة ، لكن إذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة ، فإن الواجب عليه أن يصلي في الطريق ، ويصلي على حسب حاله ، إن كان ماشيا وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها ، وإن كان راكبا ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي وهو راكب سيارته ، لقوله تعالى : (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن / 16 .
ومن بقي في عرفة إلى نحو الساعة العاشرة ليلا ، وهو يعلم ازدحام السير ، فإن الأولى له أن يصلي المغرب والعشاء في عرفة ، لا سيما إن كان معه نساء ، يصعب عليهن النزول والصلاة أثناء الطريق .
والمقصود أنه لا يُترك الواجب لأجل تحصيل السنة .
والواجب عليكم هو التوبة إلى الله تعالى من تأخير الصلاة ، ولا شيء عليكم غير هذا .
والله أعلم .
تعليق