الحمد لله.
أولا :
نحمد الله أن وفقك إلى السؤال عن ذلك ، ومحاولة تمييز مصطلحات المحدثين ومعرفة مقاصدهم في كلامهم ، فهذا علم شريف عظيم ، أفنى العلماء أعمارهم في تحقيقه وشرحه وتوضيح مسائله ، ومع ذلك فيمكن لكل مسلم حريص أن يتحصل على ثقافة كافية في هذا العلم ، ليفهم ما يقرؤه أحيانا في الصفحات والمواقع الإسلامية ، وليتمكن من البناء على قواعد المعلومات التي عنده بعد ذلك .
ولذلك فالنصيحة لك أختنا الكريمة بقراءة شرح ميسر في علم " مصطلح الحديث "، وستجدين فيه كل ما يهمك من علوم الحديث واصطلاحات المحدثين ، ومما ننصحك بالاطلاع عليه شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله على كتاب " المنظومة البيقونية "، ويمكنك متابعته على هذا (الرابط)
ثانيا :
أما عن مراتب الحديث فللعلماء تقسيمات كثيرة لأنواع الأحاديث ، كل تقسيم نظروا فيه لزاوية معينة :
فلما نظروا إلى من ينسب إليه الحديث ، قسموه إلى الأقسام الآتية :
1- المرفوع : إذا كان الحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
2- الموقوف : إذا كان الحديث من كلام الصحابي رضي الله عنهم أجمعين .
3- المقطوع : إذا كان الحديث من كلام التابعي .
وقد سبق شرح هذا التقسيم في جواب رقم : (121290)
ولما نظروا إلى طرق الحديث وأسانيده ، وهي سلاسل الرجال الذين نقلوا الحديث عن قائله ، قسموه إلى الأقسام الآتية :
1- متواتر : إذا جاء الحديث من طرق وروايات كثيرة جدا .
2- آحاد ( أو غريب ) : إذا جاء الحديث من طريق ورواية واحدة فقط ، ويسمونه أيضا بالغريب المطلق أو الفرد المطلق ، أما إذا روى الحديث تابعي واحد عن صحابي ، ثم رواه عن هذا التابعي راويان اثنان فأكثر ، فهذه تسمى غرابة نسبية ، أي أنه غريب وآحاد بالنسبة لرواية ذلك التابعي عن الصحابي .
ولما نظر المحدثون إلى حكم الحديث ، وهل يُقبَل أو يُرد - ولعل هذا هو محل السؤال تحديدا - قسموه إلى الأقسام الآتية :
1- المقبول : إذا انطبقت عليه شروط القبول ، وكان صالحا لأن يُحْتج به ، ويُعمل بمضمونه .
2- المردود : إذا لم تنطبق عليه شروط القبول .
ثم قسموا المقبول إلى عدة أقسام :
1- الصحيح : إذا انطبقت عليه أعلى شروط القبول . ويمكن مراجعتها في جواب رقم : (79163)
2- الحسن : إذا انطبقت عليه أدنى شروط القبول .
وفي أحيان كثيرة يستعمل المحدثون ألقابا أخرى مرادفة للألقاب السابقة ، فمثلا يطلقون على الحديث الحسن أحيانا قولهم : جيد ، كما يطلقون على الحديث الصحيح قولهم : على شرط الشيخين ، ونحو ذلك من الكلمات المترادفة ، وإن كانت هناك فروق دقيقة أحيانا بين هذه الاصطلاحات ، لكن مرادنا في جوابنا هذا هو تقريب وتسهيل فهم هذه المراتب على وجه العموم .
ثم قسم المحدثون الحديث المردود إلى عدة أقسام :
1- الضعيف : وهو ما أخل بشرط من شروط القبول .
2- الموضوع : إذا كان في إسناده كذاب أو متهم بالكذب .
وفي أحيان كثيرة أيضا يستعملون مصطلحات مرادفة أيضا ، فيطلقون على حديث ضعيف إنه حديث باطل ، لا سيما إذا اشتد ضعفه ، أو يقولون إسناده تالف ، أو يسمون الحديث الموضوع بالمكذوب ، ونحو ذلك ، وانظري للفائدة سؤال رقم : (6981)
ثالثا :
ما سبق هو الغالب في استعمال علماء الحديث وفي كلامهم وكتبهم ، ثم وجدنا أن بعض العلماء يستعملون مصطلحات أكثر دقة ، فيضيفون بعض القيود للتدقيق أكثر في وصف الحديث ، ومن ذلك قول الإمام الترمذي رحمه الله : " حديث حسن غريب ":
فقوله رحمه الله : " حديث حسن " فيه إعلام بأن الحديث تضمن أدنى شروط القبول ، فكان في مرتبة الحسن من حيث القبول والرد .
وأما قوله رحمه الله : " غريب "، فهو وصف للحديث بأنه حديث آحاد . وإن كان ذلك لا ينفي أن يكون له طريق أخرى ، فيكون مراده وصف هذه الطريق بالغرابة ، وهو ما يعرف بالغرابة النسبية ، لا أنه غريب مطلق ، ليس له إلا هذه الطريق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الترمذي إذا قال : حسن غريب : قد يعني به أنه غريب من ذلك الطريق ، ولكن المتن له شواهد صار بها من جملة الحسن " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (18/24).
والله أعلم .
تعليق