الاثنين 3 جمادى الأولى 1446 - 4 نوفمبر 2024
العربية

الدعاء بالشرب من يد الرسول صلى الله عليه وسلم عند الحوض

السؤال


هل يجوز للنساء الدعاء بأن يشربن من يد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شربة هنيئة لا يظمأن بعدها أبدا ؟

الجواب

الحمد لله.


من الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من شرب يوم القيامة من حوضه فلا يظمأ بعد ذلك أبداً . عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنْ اللَّبَنِ ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنْ الْمِسْكِ ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا ). رواه البخاري (6579) ومسلم (2292).
وعن سَهْل بْن سَعْدٍ قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، فَمَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا ...). رواه البخاري (7051) ، ومسلم (2291).
وهذه الأحاديث صريحة في أن من شرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى فلا يظمأ بعد ذلك أبداً .
قال القاضي عياض : " ظاهر حديث الحوض أنه تشرب منه الأمة كلها ، إلا من ارتد على عقبه وغيَّر وبدَّل". انتهى " إكمال المعلم " (7 / 130) .
وظاهر هذه الأحاديث أن الشرب يكون من الحوض مباشرة أو من الكيزان الموجودة عنده ، وأن الناس يشربون منه بأنفسهم .
ولم نر في شيء من روايات الحديث ما يشير إلى أن الشرب يكون بيد النبي صلى الله عليه وسلم .
ولو كان شرب الناس من الحوض بيده صلى الله عليه وسلم لأخبرنا بذلك .
ولذلك فدعاء المسلم ذكراً كان أو أنثى بأن يسقيه الله من يد الرسول صلى الله عليه وسلم شربة هنيئة لا يظمأ بعدها ، يُخشى أن يكون من التعدي بالدعاء ، وسؤال الله ما لا علم لنا به .
قال ابن القيم : " فكل سؤال يناقض حكمة الله ، أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره ، أو يتضمن خلاف ما أخبر به ، فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله" . انتهى من "بدائع الفوائد" (3/524).
والمشروع للمسلم أن يدعو الله أن يسقيه من حوض النبي صلى الله عليه وسلم شربةً لا يظمأ بعدها ، فيقتصر في دعائه على ما ورد في النصوص الصحيحة ، والله أعلم .

ثم إن شرب النساء من يد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس ممنوعا ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أب لجميع المؤمنين (رجالا ونساء) ، ولذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا يحرم عليه مس المرأة الأجنبية عنه ولا الخلوة بها .

قال الحافظ بن حجر رحمه الله : " وَالَّذِي وَضَحَ لَنَا بِالْأَدِلَّةِ الْقَوِيَّة أَنَّ مِنْ خَصَائِص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَاز الْخَلْوَة بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالنَّظَر إِلَيْهَا , وَهُوَ الْجَوَاب الصَّحِيح عَنْ قِصَّة أُمّ حَرَام بِنْت مِلْحَانَ فِي دُخُوله عَلَيْهَا وَنَوْمه عِنْدهَا وَتَفْلِيَتهَا رَأْسه ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنهمَا مَحْرَمِيّة وَلَا زَوْجِيَّة" انتهى من " فتح الباري شرح صحيح البخاري " لابن حجر (9/203) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب