الحمد لله.
أولاً:
إن من أعظم المسئوليات الملقاة على عاتق الأهل : مسئولية الأولاد ، فقد جاء في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) رواه البخاري ( 853 ) ، ومسلم ( 1829 ) .
وقد أمر الله تعالى بوقاية الأهل والأولاد مما يفسدهم ، أو يوجب لهم الخسران ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ) التحريم/ من الآية 6 .
قال ابن كثير رحمه الله : " أي : مُروهم بالمعروف ، وانهوهم عن المنكر ، ولا تدعوهم هملاً فتأكلهم النار يوم القيامة " انتهى من " تفسير ابن كثير " (5/240) .
وقال ابن القيم رحمه الله : " فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سُدىً : فقد أساء إليه غاية الإساءة .
وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء ، وإهمالهم لهم , وترك تعليمهم فرائض الدِّين وسننه ، فأضاعوهم صغاراً " انتهى من " تحفة المودود " ( ص 229 ) .
ثانياً :
ومِن تلك المسئولية : منع كل ما يؤثر في دينهم ، وخُلُقهم ، ولا شك أن قنوات
الأطفال الكرتونية لها إيجابيات ، وسلبيات ، وهي تختلف من قناة لأخرى ، بحسب ما
يُعرَض ، ويُشاهد فيها .
ولا شك أن بعض هذه القنوات تحوي جاذبية في العرض وأفكار جيدة في توجيه الأطفال ،
ولكنها أيضا تحتوي على مفاسد , ومخالفات ، ومنها :
أ. استعمال الموسيقى , حيث يصدر منها أصوات آلات العزف المحرَّمة ، وحرمة الآلات
الموسيقية بيِّنة في النصوص .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 5000 ) .
ب. الرقص ، والتمايل ، في تلك الأناشيد ، والأغنيات ؛ حتى صارت السمة البارزة لهذه
القنوات , وحتى خرجت عن المألوف .
ج. خروج بعض النساء المتبرجات ، وبعض البنات البالغات ، أو القريبات من البلوغ ،
وهن ينشدن ، ويغنين , ولا شك أن هذا مدعاة للافتتان بهنَّ ، وإثارة الشهوة ، لا
سيما من الشباب ، والغلمان .
وقد رأينا أثرها السيئ على الأطفال ، فافتتنوا بها حتى صارت شغلهم الشاغل ، من حفظ
لتلك الأغاني ، والأناشيد ، وتقليد ، ومحاكاة في الحركات ، والرقص ، والتمايل ,
وكان الأولى : إشغالهم بما ينفعهم في دينهم ، من حفظٍ لكتاب الله ، وتعليمهم ما
ينفعهم ، في دينهم ، ودنياهم .
والعجيب من أصحاب تلك القنوات مع وجود كل هذه المخالفات أن يطلقوا على قناتهم أسماء
شرعية ؛ كأنهم يسوقون لتلك المعاصي بألفاظ شرعية ، مع مخالفة الاسم لواقعهم .
وعلى الرغم من سمو هدف القائمين على هذه القنوات إلا أنّ الغاية لا تبرر الوسيلة ،
واعتياد الأطفال على سماع تلك الطبول ، والإيقاعات ، مع التمايل والرقص : ينشيء
جيلاً متميعاً ، وربما كان ذلك سبباً في التحاقه فيما بعد بقوافل المغنين والمغنيات
، من أهل المجون ، والفسق ، والفجور.
وبعض هذه القنوات تحاول استرضاء الأطراف وكسب الزبائن بوضع خيار " بدون إيقاع " ،
ولكن تبقى المخالفات الأخرى بحاجة إلى معالجة ، والواجب على الغيورين القيام
بالمناصحة ومحاولة تغيير المنكرات بشتى الوسائل لعمق تأثيرها وسعة رواجها .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 110352 ) .
ثالثاً :
لا بد من مراعاة الأطفال في مشاهدة التلفاز , وتنظيم وقتهم في تلك المشاهدة ,
فيُجعل وقتٌ للصلاة ، ووقت لحفظ القرآن ، ووقت للقراءة النافعة ؛ لأن المشاهَد أن
أكثر الآباء والأمهات يغفلون عن الجانب المهم في حياة أبنائهم , وهو تعليمهم ما
ينفعهم ، وحثهم على الأفضل ، والأحسن من أمر الدِّين والدنيا , ولا بأس أن يتخلل
ذلك بعض الوقت للترويح عن النفس بمشاهدة القنوات الكرتونية الإسلامية الجادة –
كفقرات الأطفال في بعض القنوات الهادفة ، أما أن يَصرف كامل الوقت في متابعة
ومشاهدة تلك القنوات : فهذا جانب سلبي , وخروج عن المقصد الأهم في تربية الطفل ،
وتنشئته .
والله أعلم .
تعليق